فرضت مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية الأخيرة في العراق وضعاً خاصاً يتعلق بالتحديات الاقتصادية، وبرامج المرحلة المقبلة التي قد تحدث نقلة نوعية في مسيرة الاقتصاد العراقي، وتمكنه من استعادة عافيته. الخبير الاقتصادي لدى الحكومة العراقية كمال البصري تحدث عن ملامح البرامج المطلوب تحقيقها في المرحلة المقبلة وتحديد أولوياتها، لافتاً إلى الصعوبات التي تعوق تقدم العراق، وموضحاً ان أبرزها تخلف هياكل الإنتاج والتشغيل، اذ تساهم الصناعة بنسبة واحد في المئة من الناتج المحلي، خصوصاً ان هناك 192 مشروعاً حكومياً يعمل فيها حوالى 800 ألف شخص، تعاني كلها من التخلف التكنولوجي والتقادم. وأشار في الوقت ذاته إلى ما تعرضت له هذه المشاريع من عمليات سلب وتخريب، ما أدى إلى تدني إنتاجها، وتحولت بالتالي عبئاً على الدولة، التي وجدت نفسها مضطرة لدعمها بنحو بليوني دولار. وأوضح ان الزراعة تساهم بنسبة 3 في المئة من الناتج المحلي، علماً ان الأراضي الصالحة للزراعة تشكل 20 في المئة من مساحة العراق، وأن ما يقرب 75 في المئة من الأراضي الزراعية المروية تعاني من الملوحة الناجمة عن سوء إدارة عمليات الري. وأضاف ان المتتبع لهيكلية الإنتاج يلاحظ أنها غير متوازنة حيث يهيمن قطاع النفط على بقية القطاعات الاقتصادية، في ظل غياب الانسجام بين نسبة اليد العاملة من جهة، ونسبة مساهمة القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي، معتبراً ان هذا التشوه في هيكل الإنتاج يشير الى بطالة مقنعة، ومن ثم انخفاض في الإنتاج، يقود إلى ضعف الأجور وتراجع مستوى المعيشة. ورأى البصري ان الاستراتيجية الوطنية للتنمية التي وضعتها وزارة التخطيط عام 2006، تشير إلى ان النفقات الضرورية لإعادة الإعمار بين 2006 و 2010، تقدر ب 187 بليون دولار، وعند احتساب مقدار التخصيصات الاستثمارية الفعلية للفترة ذاتها، نجد ان مجموعها يساوي 66 بليون دولار، اي ان نسبة العجز في التخصيصات الاستثمارية تعادل 65 في المئة، ما يتطلب البحث عن مصادر تمويل أخرى. وأشار الى ان البيئة الاستثمارية الحالية تتميز بوجود قانون استثماري يضم الكثير من الحوافز الضرورية، لكن التحديات التي تواجه رجال الأعمال تتمثل في البيروقراطية، وعدم تلبية المصارف التجارية متطلبات رجال الأعمال وضعف شركات التأمين. ودعا البصري أيضاً إلى إيجاد الظروف المشجعة لاستقطاب رجال الأعمال والمقاولين، وتمكين هيئة الاستثمار والوزارات المعنية من إنشاء النافذة الواحدة. وركز المدير التنفيذي لسوق العراق للأوراق المالية طه أحمد عبد السلام، على دور رؤوس الأموال العراقية في الخارج في اغتنام الفرص الاستثمارية المتاحة في قطاعات كثيرة واعدة، أهمها قطاع الأسهم والسندات، داعياً إلى إعطاء القطاع الخاص فرصة أكبر في تنفيذ مشاريع التنمية. وأضاف ان المؤشرات الأولوية لنشاط البورصة العراقية تشير إلى النجاح الذي حققته، داعياً إلى توسيع قاعدة مشاركة رؤوس الأموال غير العراقية في تداولاتها، متوقعاً نموها إذا ما توافر لها المزيد من الأمان والاستقرار.