يعيش سكّان عفرين مأساة إنسانية، فيما أجبر الآلاف على الفرار من منازلهم والاتجاه صوب مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري مع تقدّم العملية التركية شمال البلاد. وأعلن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أمس، إن إمدادات المياه مقطوعة عن مدينة عفرين منذ أسبوع بعد سيطرة قوات تركية على السد الرئيس ومحطة المياه في المنطقة. وأضاف أن «القتال هناك أرغم الآلاف على الفرار من منازلهم والاتجاه صوب مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة». وأشار إلى إنه بعد تغير السيطرة على السد الواقع شمال شرقي عفرين «عجز العمال المحليون عن الوصول إلى أجهزة التحكم في السد لضخ المياه وانقطعت إمدادات المياه»، مؤكداً أن السكان يعتمدون على مياه جوفية غير معالَجة ما يهددهم بالأمراض. ومع تطويق القوات التركية للمدينة وريفها، يسود الخوف المدنيين الذين تكتظ بهم المنازل ويحاول بعضهم الفرار، فيما ينصرف المقاتلون الأكراد إلى تحصين مواقعهم استعداداً للدفاع عن معقلهم. ومنذ بدء الهجوم التركي في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي توافد الآلاف من سكان البلدات الحدودية إلى مدينة عفرين ما فاقم الوضع الإنساني سوءاً، خصوصاً بعد انقطاع الخدمات الرئيسة وانصراف السكان إلى تموين منازلهم خشية حصار وشيك. وتقول ألماس بكر (23 سنة) النازحة من منطقة راجو الحدودية مع تركيا: «نخاف على مصيرنا في حال دخل الأتراك، قلوبنا تبكي على عفرين فهي لا تستحق ذلك». وتمكنت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها منذ الاثنين من تطويق المدينة وعشرات القرى غربها، فيما لا يزال منفذ وحيد يربطها بمدينة حلب، لكنه بات تحت مرمى نيران القوات التركية. وفر المئات في اليومين الأخيرين من عفرين، فيما وقفت سيارات وشاحنات في صف طويل بانتظار السماح بمنحها إذناً للمغادرة من دون أن تتمكن من ذلك. وتشهد أسواق المدينة زحمة غير معتادة مع خروج السكان للتموين وشراء حاجياتهم، من الرز والسكر والخبز، فيما تبحث الغالبية عن كيفية التزود بالمياه المقطوعة عن المدينة منذ أكثر من أسبوع. من مكان إلى آخر، تتنقل ميديا محمد (20 سنة) محاولة التقاط إشارة الإنترنت على هاتفها النقال. وتقول الشابة النازحة من منطقة جنديريس التي سيطرت عليها القوات التركية وحلفاؤها الأسبوع الماضي: «نحضر أنفسنا، أحضرنا معونات وسلالاً غذائية. ونبقى حالياً في الأقبية»، مضيفة: «أكثر ما نتمون به هو الرز والسكر والمعلبات وحليب الأطفال». وفي أحد شوارع المدينة التي تؤوي حالياً، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، حوالي 350 ألف شخص، يتجمع مدنيون حول شاحنة صغيرة للهلال الأحمر الكردي للحصول على حفاضات للأطفال ومواد غذائية. ونتيجة الاكتظاظ، باتت عائلات عدة تتشارك منازل صغيرة، ومنهم من لجأ إلى الأقبية ومنازل قيد الإنشاء، بينما ينام آخرون في شاحناتهم وسياراتهم. وتنسحب المعاناة أيضاً على المرافق الطبية التي تشهد نقصاً في الأدوية والمستلزمات الطبية والكادر الطبي. ووصف المستشار الإعلامي ل «وحدات حماية الشعب الكردية» في عفرين ريزان حدو الوضع ب «الكارثي»، مشيراً إلى «ضعف من الإدارة الذاتية في التعامل مع الأزمة، قد يكون ناتجاً من قلة الإمكانات أو كونها لا تملك الخبرة الكافية».