بدأت القوات التركية عملية الاقتحام البري لمنطقة عفرين الخاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية في ريف حلب الشمالي بمساندة حوالى 25 ألف عنصر من «الجيش السوري الحر». أتى ذلك في وقت دعت أنقرة المقاتلين الأكراد إلى «عدم التعويل» على الدعم الأميركي، وإعلانها نيتها إنشاء «منطقة آمنة» بعمق 30 كيلومتراً في إطار عملية «غصن الزيتون» التي أطلقتها في عفرين. ورجّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنهاء الهجوم «في وقت قريب جداً»، وهدّد ب «سحق» المقاتلين الأكراد المدعومين من الولاياتالمتحدة، مضيفاً أنهم يجب ألا يعولوا على دعم واشنطن لكي يتغلبوا على تركيا. واتهم في مؤتمر ل «حزب العدالة والتنمية» الحاكم في مدينة بورصة أمس، بعض حلفاء تركيا بتزويد «الوحدات» بألفي طائرة وخمسة آلاف شاحنة محملة بأسلحة، في تعليق موجه على ما يبدو إلى الولاياتالمتحدة. وحذّر أردوغان حزب «الشعوب الديموقراطي» التركي المعارض والمناصر للقضية الكردية من تنظيم أي تظاهرات مناهضة للهجوم. وقال: «دعوني أؤكد لكم، أنتم مراقبون لحظة بلحظة»، وتوعّد «أيا كانت الساحة التي ستتجمعون فيها فستداهمكم قواتنا الأمنية». وأضاف «حذار! أذا استجاب البعض لهذه النداءات (بالتظاهر) وارتكبوا خطأ الخروج إلى الشارع، فسيدفعون الثمن باهظاً». وقال المناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن «عملية غصن الزيتون مستمرة لضمان السلام والأمن لشعبنا وحماية وحدة الأراضي السورية والقضاء على كل العناصر الإرهابية في المنطقة»، مضيفاً أن «تركيا تتوقع من حلفائها دعم حربها ضد الإرهاب بكل صورها» في إشارة إلى واشنطن. وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم دخول قوات تركية إلى منطقة عفرين انطلاقاً من بلدة غول بابا الحدودية أمس. وأفادت وكالة «دوغان» بأن القوات التركية التي لم تحدد عديدها، تتقدم إلى جانب قوات «الجيش السوري الحر». وشكل إعلان يلديريم اول تأكيد رسمي على مشاركة قوات تركية برية في العملية على الأراضي السورية. وكشف ياسر عبدالرحيم قائد «فيلق الشام» الذي يعتبر مكوناً رئيسياً في «الجيش السوري الحر» وفي غرفة عمليات «غصن الزيتون»، أن نحو 25 ألفاً من قواته يشاركون في الهجوم العسكري. وأوضح أن المسلحين لا يعتزمون دخول مدينة عفرين، بل فقط محاصرتها وإرغام «الوحدات» الكردية على الانسحاب، مؤكداً أن الهدف الرئيسي للعملية العسكرية يتمثل في استعادة السيطرة على تل رفعت، وهي بلدة تقع إلى الجنوب الشرقي من عفرين، وسلسلة من القرى العربية كان الأكراد سيطروا عليها في شباط (فبراير) عام 2016، ما أجبر عشرات الآلاف من السكان على الخروج منها. وتمكّنت قوات «غصن الزيتون» من السيطرة على قريتين على الحدود الشمالية والغربية لعفرين مع تركيا ولواء إسكندرون. وأفادت مصادر ميدانية بأن فصائل المعارضة السورية تمكنت مساء أمس من السيطرة على بالي كوي الواقعة في ناحية راجو التابعة لمنطقة عفرين. كما أعلنت الفصائل أسر 3 عناصر من «وحدات حماية الشعب» في القرية. وأشار «المرصد» إلى توسع دائرة القتال بين الطرفين مع استمرار الاشتباكات بعنف على محاور ستة، وهي كردو وباليا وغربلة وآده مانلي وشنكال وحمام على الحدود السورية– التركية، في محاولة من القوات التركية التوغل والسيطرة على مناطق في عفرين. وقال مسؤول تركي إن «الجيش الحر» سيطر على قرية كردية من دون مقاومة، فيما أكّدت «الوحدات» صدّ محاولة القوات التركية عبور الحدود إلى عفرين وإرغامها على التراجع. وأشار القيادي الكردي نوري محمودي إلى أن المنطقة شهدت منذ صباح أمس، تبادلاً للقصف واشتباكات عنيفة على جبهات عدّة محيطة بعفرين. ووصف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مدينة عفرين بأنها «شبه محاصرة» من جانب القوات التركية وفصائل «غصن الزيتون»، باستثناء ممر يوصلها بمدينة حلب عبر مناطق سيطرة النظام في نبل والزهراء. وقُتل شخص على الأقل في 3 صواريخ أطلقت من الأراضي السورية واستهدفت مدينة الريحانية التركية. وقال رئيس بلدية المدينة إن القتيل سوري، مشيراً إلى 32 جريحاً تركياً بينهم اثنان في حالة الخطر. واتّهم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو «الوحدات» بالوقوف وراء هذا القصف. وكتب الوزير على تويتر «هذا الهجوم الإرهابي ضد مدنيين أبرياء يكشف الوجه الحقيقي» للمقاتلين الأكراد. وأعلن الجيش التركي في بيان أمس، أنه استهدف جوياً ومدفعياً أكثر من 153 هدفاً للمقاتلين الأكراد، من بينها معاقل ومخابئ. من جهتها، لفتت «الوحدات» إلى إن الضربات الجوية التركية قتلت 6 مدنيين و3 من مقاتليها وأصابت 13 مدنياً آخرين، كما اتهمت تركيا بقصف مناطق مدنية ومخيمات للنازحين في عفرين. وأكّد الناطق باسم «الوحدات» بروسك حسكة، إن «معارك ضارية» نشبت شمال وغرب عفرين مع القوات التركية وحلفائها من المعارضة السورية.