على رغم الوعود الزاهية التي ملأت مخيلات العرب مع العولمة، الا ان واقع الحال يؤكد أن هذه العولمة المنفلتة وغير العادلة اجتماعياً، لم تقدّم حلولاً للمشاكل الأساسية في الدول العربية، خصوصاً للشباب العرب. ليس مصادفة أن أجيال الشباب تقود الموجة العاصفة من التغييرات في العالم العربي، متحدثة بصوت صارخ عن مشاكلها المستعصية. وطري في الذاكرة أن غير تقرير أميركي وأوروبي ربطت بين فشل مؤسسة الدولة العربية في التعليم والعمل من جهة، وتصاعد الفقر والبطالة والإرهاب من جهة ثانية. المعلوم أن أكثر من 1.5 مليون فرد ينضمون سنوياً لصفوف العاطلين عن العمل العرب، معظمهم من حملة المؤهلات العليا. ويبلغ عدد العاطلين العرب بحسب تقرير منظمة العمل العربية لعام 2010، نحو 32 مليون عاطل. ويصل معدل البطالة إلى 15.7 في المئة من إجمالي القوة العاملة العربية، المقدرة بنحو 123 مليون عامل. وتؤرّق هذه البطالة استقرار المجتمعات العربية في طرق عدّة. وفي سياق التصدي لهذه الظاهرة وتشعّباتها، أعلن رئيس «المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا» الدكتور عبد الله عبد العزيز النجار أخيراً، فتح باب التقدم للدورة السابعة لمسابقة أفضل خطة أعمال تكنولوجية على مستوى الدول العربية. ويغلق باب التسجيل في 13 تموز (يوليو) 2011. وشدّد النجّار على أن «ما تمر به المنطقة العربية من تحديات حاضراً، يتطلب توفير بيئة مناسبة للشباب العربي، لتوظيف أفكاره المبتكرة وطاقاته الخلاّقة، من أجل خدمة جهود التنمية المستدامة في مجتمعاته». وعبّر عن قناعته بأن «أفكار الابتكار متوافرة لدى رواد الأعمال العرب، وأنها قادرة على وضع حدّ لمعدلات البطالة المتفاقمة في المنطقة في ظل العولمة، خصوصاً أن معدل البطالة بين حاملي المؤهلات العليا أعلى من نظيرتها لدى الأقل تعليماً». وأضاف النجار أن المسابقة العربية لأفضل خطة أعمال تكنولوجية «أثبتت نجاجها على مدار الدورات السابقة في دعم رواد الأعمال العرب من الشباب الساعين لتحويل أفكار الابتكار لشركات تكنولوجية واعدة». في الطريق إلى أميركا وأوضح النجّار أن المسابقة مفتوحة لمن يرغب من شباب العرب، من المقيمين في دولهم أو المغتربين عنها. وتُسجّل المشاريع عَبر الموقع الإلكتروني www.tbpc-astf.net. وتنظم «المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا» المسابقة بالتعاون مع شركة «انتل» Intel، عملاق صناعة رقاقات الكومبيوتر عالمياً، ومنظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو» UNIDO. وينال الفائزون فيها جوائز مالية تبلغ 50 ألف دولار. كما تتاح الفُرص للفائزين للمشاركة في «ملتقى الاستثمار في التكنولوجيا» الذي تنظمه المؤسسة سنوياً. يجمع هذا الملتقى ممثلي شركات القطاع الخاص وأصحاب رؤوس الأموال الباحثة عن فرص للاستثمار في الشركات الناشئة، إضافة إلى تمثيل المنطقة العربية في مسابقة «التحدّي العالمي لإنتل في جامعة كاليفورنيا ببيركلي» Intel Global Challenge at UC Berkeley، التي تنعقد في تشرين الثانى (نوفمبر ) المقبل. ويجري تدريب المشاركين بالتقنية التفاعلية عبر الإنترنت. ويشارك من يجتاز المرحلة الأولى من التصفيات، في ورشتي تدريب خلال آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) المقبلين، بالتعاون مع «يونيد» و «مكتب ترويج الاستثمار في التكنولوجيا» في مملكة البحرين. وتنظم الورشة الثانية في مصر. وتتضمن الورشتان صقل مهارات الذين اجتازوا المرحلة الأولى للتصفيات، على إعادة صياغة خطط الأعمال بصورة أكثر مهنية واحترافية. وتجري المسابقات النهائية لهذه المسابقة في شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. في سياق متصل، أوضح المهندس خالد عدس مدير المبادرات الإستراتيجية والشؤون التربوية والاجتماعية في شركة «انتل»، أن هذه المسابقة «أشبه بتحدٍّ عن التميّز»، مُبيّناً أنها «تسعى إلى مساعدة رواد الأعمال العرب، عبر تقويم الجدوى الاقتصادية والمجتمعية لابتكاراتهم». وأشار إلى أن «الابتكار في التكنولوجيا يمكن أن يشكّل سبيلاً فعّالاً في زيادة الإنتاج لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر في الدول العربية». وأوضح عدس أن «هذا الأمر يتّسم بأهمية فائقة حاضراً، نظراً لتدني معدلات النمو الاقتصادي في الدول العربية، ما يجعلها غير قادرة على استيعاب القادمين الجدد لسوق العمل». وشدّد على «امتلاك شركة انتل رؤية واضحة عن مسؤوليتها تجاه المجتمعات التي تتعامل معها، خصوصاً مشاركتها في جهود التنمية الاقتصادية... وهي تراهن على الاستثمار في الشباب، باعتبارهم أداة دفع كثير من المجتمعات العربية نحو المعرفة، ما ينعكس إيجابياً على الصناعة والاستثمار والخدمات وغيرها».