هل تغيّرت الرقابة في لبنان فأضحت أكثر تسامحاً؟ ام تغيّرت الأفلام التي كانت ممنوعة فصارت أخف وطأة وأقلّ ممنوعية؟ ام ان لبنان نفسه تغيّر بحيث ان ما كان مثيراً للغضب قبل شهور قليلة صار شيئاً عادياً اليوم؟ الحكاية هي ان بيروت ستشهد بعد ايام قليلة تظاهرة سينمائية - اطلق عليها اصحابها اسماً فضفاضاً هو «مهرجان الأفلام الممنوعة» - تقام بين 22 و26 من الشهر الجاري في صالة «بلانيت ابراج» وتعرض فيها - وفق البيان الإعلاني للتظاهرة - مجموعة افلام كانت السلطات الرسمية اللبنانية منعت عرضها خلال الدورتين السابقتين لمهرجان بيروت الدولي للسينما. وهذه الأفلام وعددها خمسة قالت إدارة المهرجان انها استحصلت «من اللجنة المختصة ومن الأمن العام، بدعم من وزارة الداخلية على إجازة بعرضها». ولعل اللافت في الأمر حقاً هو ان المنع كان لأسباب سياسية او دينية وليس لأية اسباب اخرى. ومن هذه الأسباب ما هو محلي كما الحال بالنسبة الى فيلم «شو صار؟» للبناني ديغول عيد الذي بعدما عرض في مناسبات عربية وعالمية كثيرة وأثار نقاشات وإعجاباً، منع في لبنان بحجة انه يثير «النعرات الطائفية» قبل ان يسمح بعرضه انما في اطر ثقافية واكاديمية (!). ومن الأسباب ما هو ايراني حيث منع يومها فيلم الأيرانية هنا مخمالباف «الأيام الخضر» لأنه يتحدث عن ثورة المعارضة في ايران صيف العام 2009 احتجاجاً على انتخاب احمدي نجاد رئيساً وكان من اسباب المنع اللبناني، بالتحديد أن موعد عرض الفيلم آنذاك تزامن مع زيارة نجاد الشهيرة الى لبنان. ويبقى ان نذكر هنا ان الأفلام الثلاثة الباقية التي أفرج عنها بعد منع، منها اثنان يدنوان من مسائل دينية مسيحية ويهودية (وهما «غوستازا دا ليبيانو» و «كونفورتوريو» من اخراج الأيطالي باولو بينفينوتي)، اما الثالث فيطاول واحدة من القضايا التي لا تزال تشكل احد المحرّمات الكبرى في الواقع العربي، اي مسألة التعايش بين اليهود والمسلمين العرب في تونس ايام الحرب العالمية الثانية. والطريف ان هذا الفيلم وعنوانه «اغنية العروسين» (من اخراج كارين آلبو الفرنسية الجزائرية الأصل) كان فاز في المهرجان اللبناني الذي لم يعرضه يومها بجائزة افضل فيلم روائي طويل!!