على الرغم من إعلان الهيئة رسمياً عن نفي أي توجه لها بنصب كاميرات لمراقبة أخلاقيات المتسوقين، إلا أن محبيها ومنتقديها لا يزالون في جدل واختلاف حول الخطوة التي استبعدت من الهيئة ابتداء. وتواصلت ردود الفعل المؤيدة لهذه الخطوة والمعارضة لها على حد سواء. واللافت أن البعض رحب بالخطوة ووضع تحفظات عليها في آن. ويعزو استشاريون اجتماعيون الأسباب التي تجعل من الكاميرات «رقيباً» على تصرفات الشباب في مجمعات منطقتي الرياض والشرقية، إلى «استفحال» ظاهرة «المعاكسات» فيهما على وجه الخصوص. وشهد مجمع تجاري في مدينة الخبر تركيب كاميرات قبل نحو عام، على خلفية أحداث عدة تم رصدها فيها كالتحرش والمضايقات، وكان أبرزها «تحرش شاب في فتاة وهي تهم بركوب مصعد كهربائي، إذ باغتها الشاب في الدور الثاني وصعد إلى جانبها وحاول التحرش فيها، ما دفعها إلى الصراخ والاستنجاد بالمتسوقين». وبحسب الاستشاري في شؤون الأسرة والمجتمع الدكتور ممدوح الحبيب، الذي يؤكد أن تركيب كاميرات المراقبة، ينبع من «أهمية احترام وضعية الفتاة والحفاظ عليها، وهذا الأمر لا يعني تحجر العقول وانغلاقها، وإنما هذه طبيعة المجتمع». طبيعة المجتمع، بحسب الحبيب، هي «ذكورية منغلقة»، ومن هنا يؤكد على ضرورة «مراعاة عدد من الجوانب الاجتماعية، ولكن ذلك لا يعني عدم الانفتاح، أو اعتبرها مؤشرات على التراجع في المهام التي تقوم بها الهيئة، فهي لم تقدم على تلك الخطوة إلا بعد أن رصدت أوضاعاً متدهورة بين الشباب، الذي يعتبر أن معاكسة الفتاة متنفساً له». على النقيض من رؤية الحبيب، تعتبر الاختصاصية الاجتماعية نورة الفالح، أن موضوع الكاميرات «سيثير بلبلة في المجتمع»، مستدركة «ربما يكبت جماح الشبان في التعدي على الفتيات، وفي حال وضعت آلية دقيقة لعمل تلك الكاميرات، فقد يكون وجودها مؤشراً إيجابياً، ويعزز من دور الهيئة الاجتماعي». وتلفت الفالح إلى أن «هيئة الأمر بالمعروف اعتمدت في الفترة الأخيرة، سياسة اللين في التعاطي مع الشباب، وحاولت أن تخفف من الصورة المشوهة التي كانت تتسم بها»، مضيفة أن «الكاميرات قد تكون كميناً للشبان والفتيات»، مستشهدة «قبل نحو شهر، كنت أتجول في محل لبيع الجوالات، وإذ بفتاة برفقة أمها وأختها، تحمل ورقة صغيرة وتدور حول شاب يتمعن في الجوالات المعروضة، فتقدمت إليه وسألته: هل أنت بائع هنا؟ فأجابها ب «لا». وتابعت حديثها بهمس: هذا الرقم لي، هل من الممكن أن نتواصل خلاله؟». انتهى الموقف وكلٌ راح في حال سبيله، وبقيت الفتاة عالقة في ذهن الفالح، والتي أيقنت حينها أن «الكاميرات أمر في غاية الأهمية»، مؤكدة ضرورة «اتباع آلية معينة كي لا يتحول عمل الهيئة كمراقب يترصد المتسوقين، فلا يشعر المتجول بالراحة، وربما تحدث مواقف تحرج رجال الهيئة، ويكون من يتقرب من امرأة أو يلاطفها أو يصافحها زوجها أو أخوها، فالمسألة تحتاج إلى وضع آلية دقيقة تراعي حرمات الناس وخصوصياتهم».