تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية، المنتهية ولايته، عمرو موسى، حول الاشتباكات في سورية، وانقسام أعضاء الجامعة على كيفية التعامل معها، أغضبت دمشق، فوصفتها بأنها «غير متوازنة ولا تعدو كونها تجاهلاً فاضحاً لحقيقة ما تتعرض له سورية من استهداف خارجي». وعلى رغم أن تصريحات المسؤولين السوريين في الأزمة الراهنة اتسمت بمجافاة الواقعية، إلا أن ردهم على موسى كان واقعياً الى حد بعيد، وإن شئت كان محقاً على نحو ما. موسى خرج عن صمته بعد تزايد الانتقادات لموقف الجامعة السلبي مما يجري في سورية، لكن حماسة الأمين العام، وحديثه عن سقوط ضحايا، ودعوته الى عدم ترك الأمور في سورية بهذا الوضع، لا تعبّر عن موقف عربي عام. وهو أشار الى خلاف بين الدول العربية، ما يعني ان تصريحاته أقرب الى رأي شخصي منها الى موقف عربي عام. وربما تدل تصريحات موسى - كما أشارت دمشق - على محاولته تحسين موقعه على الساحة المصرية، وسعيه الى كسب صوت الناخب المصري، والوقوف الى جانب الثورات لخدمة غايته، وطموحاته الخاصة على حساب الأحداث السورية، فضلاً عن ان الأمين العام كان له موقف متسرّع، وغير محمود إزاء الأحداث في ليبيا. وهو سهّل، من موقعه في الجامعة العربية، مهمة حلف شمال الأطلسي لشن غارات على ليبيا، وقَبِل بنص القرار الدولي الذي فوّض الدول الغربية بالتدخل، من دون شروط، وباتت له تفسيرات بعدد الدول التي تشكل الحلف. بصرف النظر عن محاسبة نية عمرو موسى، فإن موقف الأمين العام كان مفيداً، ويعد تطوّراً في الخطاب السياسي العربي مع الأحداث التي تشهدها المدن السورية، ويعبّر عن صحوة ضمير، وندم على صمت مفزع. لهذا ينبغي أن يتحول هذا الوعي الذي تأخر كثيراً، الى نهج في عمل الجامعة. فصمت الدول العربية عما جرى ويجري من عنف ضد المدنيين، في غير بلد عربي، ساهم في تفاقم الأوضاع في سورية كما في اليمن، وأساء الى صورة الدول الأخرى العربية، وخوّل إلى الدول الغربية أخذ زمام المبادرة، والتدخل في شؤون البلاد العربية، وفرض واقع سياسي ينذر بتطورات خطرة.