عزا رئيس نادي جدة الأدبي الدكتور عبدالله السلمي غياب الأمسيات الإبداعية عن النادي إلى توجه مجلس الإدارة إلى استقراء مطالب المثقفين، الذين قال إنهم في النادي وجدوا أن الناس «تجاوزوا مستوى الأستذة، بمعنى أن يأتي شخص على المنبر يتحدث ويستمع البقية، ولذلك بدأنا نبحث عن برامج فيها مشاركة وعرض تجربة ومباشرة وأخذ عطاء». كما قال السلمي في حفلة تسليم جوائز الإصدار الأول مساء الأربعاء الماضي، إن النادي يحرص «ألا يكون يوماً بعث جفاء بين أقطار الوعي وأقطاب التأثير من مؤسسات ثقافية أو علمية أو تجارية أو خدمية، وأن يهزم المراهنات حينما تخفف من نشاطه المنبري القولي الإلقائي ونمطية الفعاليات المنبرية، ليستجيب للمعطيات والمتغيرات، فاتجه إلى روافد تعينه على أداء رسالته». هل يعني ذلك عدم فاعلية الندوات والمحاضرات والأمسيات الأدبية، ثم كيف يقرر مجلس الإدارة قراراً مثل هذا، ألا يبدو ذلك تهميشاً لأعضاء الجمعية العمومية، وتنظيم الفعاليات الثقافية أليس جزءاً أساسياً في رسالته تجاه المثقفين والأدباء؟ ورداً على قرارات مجلس إدارة «أدبي جدة» قال الروائي أحمد الدويحي ل«الحياة» إن الفكرة جميلة أن يكون هناك طاولة حوار «ولكنها لا تلغي وجود الأمسيات الإبداعية لأجناس الأدب المتنوعة شعر وقصة وتجربة روائية أو مسرحية أو موسيقية أيضاً، فالنادي بمعناه الشمولي عرض لقدرات إبداعية ومميزة. «وأما فكرة رئيس نادي جدة الدكتور السلمي، وليسمح لي القول، إن الأكاديمية والأكاديميين مكانهم الجامعات، وقد اعتدوا على حقوق الأدباء في تسيير شئونهم الأدبية، فالطاولة المستديرة ممكن أن تكون مستمرة ولأبناء المدينة الواحدة كالجماعات السردية والجماعات الشعرية وغيرها من الجماعات الشبابية، لتكون في قائمة أنشطة النادي اليومية أو الأسبوعية»، مشيراً إلى أن ذلك «ليس بديلاً عن استضافة تجارب كتابية إبداعية كبيرة، وهنا يتم التمازج بين الخبرات والتداول حول أفكار متنوعة ومختلفة، لأن الجماعة الواحدة مهما كان التنوع بينها حاضراً سيستنفذ، والحقيقة أنه أصبح لإدارة كل نادٍ الحق في إدارة نشاط ناديه بالطريقة التي تروق له، ونادي جدة بالذات كان رائداً في إدارة الأديب عبدالفتاح أبومدين، لأنه كان نادياً مفتوحاً لشرائح المجتمع الثقافي داخلياً وخارجياً، وللآسف أصبحت بعض الأندية دكاكين محصورة على أسماء معينة وتدور في فلك بعض القائمين عليها، وهذا لا يمثل الثقافة حتماً بمعناها المتعارف عليه». فيما ذكر القاص فهد الخليوي أن توجه مجلس إدارة نادي جده الأدبي إلى «تغييب فعاليات مهمة كالأمسيات الشعرية والقصصية والمحاضرات ذات الصلة بالأدب والثقافة، قرار يتسم بالغرابة والبعد عن فهم وظيفة النادي ورسالته التي تقوم أساساً على نشر وتفعيل معطيات الثقافة والإبداع لتقريبهما لعقول ومشاعر المجتمع». وقال الخليوي: «أتفق مع توجه مجلس الإدارة حول أهمية تشجيع الشباب ورعاية مواهبهم وتطلعاتهم باعتباره توجهاً إيجابياً يستحق أن يدرج ضمن برامج النادي، ولكن ليس على حساب تعطيل فعاليات ثقافية وإبداعية أساسية من المفترض أن تكون على رأس اهتمامات إدارة النادي ولا تهمش أو تغيب بهذه البساطة!»، لافتاً إلى أن دور أعضاء الجمعية العمومية «فتتلخص بأنهم أي أعضاء الجمعية العمومية لا يقدمون ولا يؤخرون في قرارات مجلس الإدارة، بمعنى أن مقترحاتهم ورؤيتهم المغايرة لا تؤخذ بعين الاعتبار!». واعتبر الكاتب سلمان السليماني أن توجه مجلس إدارة نادي جدة الثقافي الأدبي «حمل إضافي يثقل كاهل النادي، ويعزز من غياب التصور والرؤية التي تشترك فيها الأندية جميعها، في جميع أنحاء المملكة، وفي تصوري أن هذا التوجه من ضمن المحاولات التي عجزت حتى الآن عن (رقع) الهوة بين إجراءات النادي وبرامجه، وبين تطلعات المثقفين والمجتمع في ذات الوقت. فالواقع يقول إن جهود النادي لم تبلغ المقدار الذي يمكن القول معه إنها نجحت في تبليغ الرسالة المناطة بهذه المؤسسة، وما هذا التوجه إلا محاولة لتجميل الصورة غير المكتملة لمهمة النادي، والواضح والذي نلمسه كمتتبعين أنه لا فعاليات منبرية أستاذية - على حد قول رئيس النادي - أفلحت في سد الفجوة القائمة، ولا طاولات مستديرة شبابية بلغ صداها آذان المهتمين». وأوضح السليماني أن الكثير من غير المنتفعين مباشرة من هذه المؤسسات، «يدركون ويرون الفشل الذي حققته هذه الأندية في عدم قدرتها على إيصال نفعها إلى المهتمين وأصحاب الشأن من المثقفين المستقلين، والمجتمع الذي بات يعول على الاجتهادات الفردية للذين هم خارج نطاق المؤسسات أكثر ممن هم بداخلها. ليس هذا تحاملاً على الأندية بقدر ما هو الجزء البسيط الظاهر من الصورة القاتمة لنشاط الأندية، الذي يشهد على عجزه القائمون على إدارته أنفسهم، وليست خلافات ومشكلات بعض الأندية بغائبة حتى على من هم من غير ذوي الاختصاص، كما أن توجه مجلس إدارة نادي جدة إلى التخلي عن الأنشطة المنبرية الأستاذية على حد تعبيرهم، دليل على ضياع وحيرة، وقرار متأخر جداً ارتأته الإدارة ولم تفطن له إلا بعد انقضاء وقت طويل من فترة إدارة هذا المجلس. وهذا دليل على غياب الرؤية والتخطيط من الأساس، وعدم إشراك أعضاء الجمعية العمومية في استراتيجيات النادي أو عدم فاعلية الجمعية أصلاً».