القميص الأزرق قلتِ لي: لا تلبسه الآن! دعه لسهرة الليلة المقبلة. القميص ذاته، ذو اللون الأزرق الفاتح. لم أدفع به يوماً إلى المصبغة؛ كي أزيل عنه، الذكرياتِ المعطوبة، أو الحنين المتيبس على ياقته. ولم أجربْ أن ألقي به في خزانة الملابس، كيفما اتفق. تجاعيده البارزة على الأكمام، لم تجرؤ على الاختباء، خلف خيوطه الحريرية. كانت مشغولةً باصطياد القبلة الأولى. القميص ذاته.. هو من عانق أحلامك، قبل أن تصل إلى نومي. الصوت في عتمته عميقا وحادا كالسكين.. ينزلُ الصوتُ درج الليل إلى آخر عتمته. على صخرة نائية، يتمدد ثم يغفو. الكلام الكثير الذي ورثه من العالم، تاه في بحر أحلامه ولم يرجع. الفتى الجالس أمام حبيبته، فكّر بحبل الغسيل: كلمات الحب المتروكة فوقه، أمام الشمس، تهرّأ جلدها، والملامح طارتْ في الهواء. الصفير الذي خبأه في حنجرته لمثل هذه اللحظات، اختفى هو أيضا. الفتاة التي لم تفكر بشيء سوى بالظل. لم تبصر أثراً للدم المتخثر على قميص الحكايات ولا هواءً كان دائما يمرَّن عضلة الصمت على الكلام. ولا أصابعَ تخيط رأس الصدى، وتشفي صممَّ أذنيه، أو تقطع اللحم الفاسد من جسمه، كي ينجو الرنينُ من الغرق، وأيضا من ظنون الماء. ولم تسمع حفيف جناحين، أو أنفاسَ قبلتين ما زالتا تركضان على اليابسة، ولا طقة عظام الوقت، حين يقفز من ساعة الحائط، كالمفزوع. التي تفكر بالظل، كما يفكر ألمٌ بالمهدئات أو صرخةٌ بالفم، أحلامها عادتْ من المتاهة، بلا ذاكرة أو رغبات. أما الاستغاثة الوحيدةُ للصوت، فقد داهمها المخاضُ في الطريق. الفتى لم يصل الفتاة لم تصل وكان (.....) يفكر بالجسر كلما أبصرا ضوء المراكب من بعيد!.