يستقي الدكتور أحمد العيسى من المفردة الرياضية عنوانا لنجاح منتظر في القرار الحكومي فيقول « يعرف عشاق كرة القدم - بل وفي كل الألعاب الرياضية – أن هناك ما يسمى باللمسة الأخيرة التي تترجم جهود الفريق كله في اللحظة الأخيرة فتهتز الشباك بالأهداف، فتطرب النفوس، وترتفع الأصوات، وتخفق الأعلام. اللاعب الذي يمتلك موهبة اللمسة الأخيرة مهم جداً للفريق بغض النظر عن مجهوده داخل الملعب أو مساندته لبقية اللاعبين في أدوارهم الدفاعية والهجومية، لأن ما يهم في النهاية هو النتيجة وليس اللعب النظيف أو الأداء الراقي». ويواصل فنه الكروي ويضيف: «ومن هذا المنطلق تعطي الفرق المحترفة أهمية خاصة لمن يملك موهبة اللمسة الأخيرة، وهو في النهاية يحظى بالنجومية والشهرة لهذه الخاصية الفريدة. ويعرف عشاق الكرة أنْ ليس كل مهاجم يمتلك تلك الحاسية الكروية، وليس كل هدف يتم تسجيله إنما يأتي بطريقة اللمسة الأخيرة المحترفة الذكية التي تحول نصف الفرص إلى أهداف وانتصارات». مناسبة هذا التأصيل الرياضي في حديثه هو «تذكرتُ هذه وأنا أتعجب عندما أسمع أو أقرأ أو أشاهد عن الجهود الكبيرة التي تبذل في هذا القطاع أو ذاك، وعن تلك المشاريع الجبارة التي تكلف الدولة مليارات عديدة، ولكن حين تبحث عن نتائجها على أرض الواقع، فإنك لا ترى إلا النزر اليسير، أو أن النتائج مبعثرة هنا وهناك من غير ثمرة حقيقية. ومن هنا يمكنك أن تقول إن هذا المشروع أو ذاك يفتقد إلى الفنان المبدع صاحب اللمسة الأخيرة الذي يترجم الأهداف العريضة، والجهود الكبيرة إلى نتائج على أرض الواقع». ويضرب لحديثه عدداً من الأمثلة منها «عندما تزور مطار الملك خالد الدولي في الرياض على سبيل المثال، وترى الازدحام والفوضى وضيق القاعات والممرات، وترى أن هناك صالة كاملة مغلقة منذ 25 عاماً، تعرف أن جهاز الطيران المدني كله يفتقد صاحب اللمسة الأخيرة الذي يجد الحلول الجذرية للمشكلات التي تعانيها مطاراتنا». ويزيد «عندما تقرأ عن المشاريع الكبيرة التي اعتمدت في قطاع الطرق والمواصلات، ولكنك تتأمل في ازدحام شوارعنا، وكثرة التحويلات وسوء الطرقات بسبب المطبّات والحفر والخنادق في الشوارع الرئيسية والفرعية، فإنك لا بد وأن تقول إن قطاعا المواصلات والبلديات يفتقدان صاحب اللمسة الأخيرة الذي كان بإمكانه أن يترجم تلك المشاريع إلى مدن مثالية وشوارع تعبر فيها السيارات بصورة انسيابية لا تعقيد فيها ولا مخاطر مرورية». وللتعليم نصيبه من أمثلته فيقول «عندما تزور بعض الجامعات أو المؤسسات التعليمية فتبهرك ضخامة المنشآت، وتنوع الكليات والتخصصات والشهادات، ولكنك عندما تبحث عن قاعة ولا تجدها، أو محاضرة وقد ألغيت، أو أستاذ جامعي وقد احتل الغبار مدخل مكتبه المغلق، فإنك لا بد وأن تقول إن تلك الجامعة أو هذه المؤسسة تفتقد صاحب اللمسة الأخيرة الذي يستطيع أن يترجم جهود تلك الآلة الكبيرة إلى أداء جماعي متناغم، ونتائج حقيقية تظهر في سلوك الطلاب ووعيهم الحضاري ومستواهم العلمي والمهني». وفي السياق نفسه، يؤكد العيسى ما مضى بقوله «تذكرت صاحب اللمسة الأخيرة أيضاً عندما قرأت عن تفاصيل القرارات المهمة التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين بعد عودته سالماً معافى - بحمد الله - إلى أرض الوطن، وهي القرارات التي تصب في مصلحة قطاع عريض من المواطنين، فقلت إن تلك القرارات تحتاج إلى صاحب اللمسة الأخيرة الذي يستطيع أن ينفذها في وقت قصير، وبكفاءة عالية، فيستفيد منها أكبر عدد ممكن من المواطنين، بدلاً من زج المواطن في مواعيد ومراجعات، فينتظر لجنة من بعد لجنة، وإجراء من بعد إجراء، وضوابط حمراء وصفراء وبرتقالية، فينسى الناس أن تلك القرارات إنما كانت قرارات استثنائية، صدرت من زعيم استثنائي، ويجب أن تنفذ بشكل استثنائي، تحفظ للمواطن كرامته، وتحفظ للوطن لُحمته وسلامته». يختم الكاتب الصحافي حديثه «المهاري» بقوله: «صاحب اللمسة الأخيرة موجود بموهبته وبراعته وإبداعه في مؤسساتنا الحكومية والخاصة كافة ، ولكن هل اكتشفنا تلك المواهب ومنحناها الفرصة لكي تسجل الأهداف وتحقق النتائج، وتوصل المشاريع الكبرى إلى مبتغاها النهائي، أم أننا نريد فقط من صاحب المعالي، أو سعادة المدير العام أن يمتلك كل المواهب، فيلعب في الدفاع والهجوم، يخطط ويسدد، ويحظى بكل أنواع النجومية والشهرة والتكريم والتشريفات».