تسارعت التطورات الميدانية على جبهتين رئيستين في سورية، في أوضح مؤشر إلى أن وقف العمليات القتالية الذي طالب به مجلس الأمن الأسبوع الماضي نسف تماماً. وعلى رغم مناشدات دولية لروسيا بالضغط على الرئيس السوري بشار الأسد لالتزام وقف النار، كثّف النظام أمس معركته البرية في الغوطة الشرقية المحاصَرة في محاولة لفصل مناطق سيطرة المجموعات المعارِضة بعضها عن بعض، فيما برز استهداف هو الأوسع حتى الآن من الطائرات التركية لمقاتلين موالين للنظام السوري في عفرين أدى إلى مقتل أكثر من 35 عنصراً منهم، في حادث هو الثالث من نوعه في غضون يومين (راجع ص3). وحققت قوات النظام أمس تقدماً إضافياً في شرق الغوطة الشرقية وجنوب شرقيها، إثر معارك عنيفة خاضتها ضد الفصائل المعارضة لتسيطر على بلدتي الشيفونية وأوتايا اللتين تعرضتا لغارات وقصف مدفعي كثيف. وكانت سيطرت في الساعات الأخيرة على قريتي حوش الظواهرة وحوش الزريقية إضافة إلى قاعدتين عسكريتين سابقتين. وتزامن التصعيد مع تعزيزات لقوات النظام في محيط المنطقة، ما أكد نية دمشق شنّ هجوم بري واسع. ولفت «المرصد السوري» إلى أن قوات النظام تحاول التقدم «لعزل كل من منطقتي المرج ودوما التي تضم العدد الأكبر من المدنيين، عن بقية البلدات في غرب الغوطة الشرقية المحاصرة. وأوضح حمزة بيرقدار الناطق باسم «جيش الإسلام»، أبرز فصائل الغوطة، أن قوات النظام تتبع «سياسة الأرض المحروقة»، مؤكداً انسحاب المقاتلين من نقاطهم في حوش الظواهرة والشيفونية، كونها «مكشوفة أمام القصف الهستيري». وأتى التصعيد غداة إعلان روسيا هدنة إنسانية يفترض أن يبدأ تطبيقها الثلثاء لمدة خمس ساعات يومياً، إلا أنه لم يسجل خروج أي من المدنيين أمس، فيما أحصى المرصد مقتل ستة مدنيين من بينهم طفل بقصف النظام قبل سريان الهدنة. إلى ذلك، وجه مدير صحة دمشق وريفها عماد قبادي، نداءً إلى أطباء العالم للتواصل مع أطباء الغوطة والاطلاع على الوضع الطبي المزري وتقديم المساعدة. وأشار إلى نقص حادّ في المستلزمات الطبية والأدوية التي تُستنزف يوماً بعد يوم في ظل استقبال مستشفيات المنطقة عشرات الضحايا يومياً. وفي شمال سورية، استهدفت طائرات تركية موقعاً لقوات موالية للنظام في قرية كفرجنة في عفرين تساند المقاتلين الأكراد منذ نحو أسبوعين في التصدي لهجوم تشنه أنقرة وفصائل سورية موالية لها على شمال سورية، ما أدى إلى مقتل 36 مسلحاً. وتعدّ هذه المرة الثالثة التي تستهدف فيها طائرات تركية مواقع تابعة للمقاتلين الموالين لدمشق خلال يومين، بعد مقتل 18 عنصراً يومي الخميس والجمعة في غارات تركية على قريتين شمال غربي عفرين، ما رفع حصيلة القتلى الإجمالية إلى 54 مقاتلاً على الأقل منذ مساء الخميس. وأتت هذه الغارات في وقت تمكنت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها من السيطرة على أجزاء واسعة من بلدة راجو الاستراتيجية شمال غربي عفرين، كما أحرزت تقدماً على جبهة أخرى شمال شرقي عفرين، حيث سيطرت على أجزاء من جبل استراتيجي يشرف على العديد من البلدات والقرى.