لندن، نيويورك، روما - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - وجهت الصين وروسيا «صفعة» إلى مناقشات مجلس الأمن التي تبحث «إدانة» السلطات السورية بسبب الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين. وقال دبلوماسيون دوليون إن موسكو وبكين لم تحضرا اجتماع ليل اول من امس في مجلس الأمن لبحث مشروع القرار الأوروبي بإدانة العنف في سورية. وعكست التصريحات الأوروبية أمس المصاعب التي تكتنف صدور القرار الدولي. وقال وزير الخارجية البريطانية وليام هيغ إن احتمالات صدور قرار ضد دمشق «غير مضمونة»، فيما قالت ألمانيا إن «الوضع الخطير يجعل صدور رد فعل واضح من مجلس الأمن الدولي أمراً ملحاً اكثر من أي وقت مضى». ونقلت وكالة «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله:»روسيا والصين لم تريا ضرورة للمشاركة في المداولات». فيما قال دبلوماسي آخر:»أنها رسالة واضحة» من موسكو وبكين برفض مشروع القرار الأوروبي ضد دمشق. وأوضح الدبلوماسيون انه برغم الجهود الأوروبية، فإن الصورة في مجلس الأمن لم تتغير، موضحين أن 13 دولة شاركت في الاجتماع، فيما تغيبت روسيا والصين، وإن تسعة من الأعضاء في مجلس الأمن يؤيدون قرار إدانة فيما يرفضه الآخرون. وبسبب تمتع موسكو وبكين بحق النقض، فإن رفضهما يعني «تجميداً» للقرار، حتى يتغير موقفهما أو يتغير موقف الدول الأخرى. ومن المقرر أن تستمر المحادثات خلف الكواليس خلال عطلة نهاية الأسبوع. لكن برغم «الصفعة» الصينية -الروسية للدول الغربية، فإن الكثير من العواصم الأوروبية وواشنطن عززتا الضغوط الدبلوماسية على دمشق في ضوء تواصل الحملة الأمنية. وطالبت بريطانيا أمس مجلس الآمن باتخاذ «موقف واضح»، بينما عبر الاتحاد الأوروبي وواشنطن مجدداً عن قلقهما من الوضع الإنساني في سورية وطالبا دمشق بالسماح بدخول فرق طبية فوراً. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ لتلفزيون «سكاي نيوز» إن على مجلس الأمن اتخاذ «موقف واضح» بشأن سورية بإصداره قراراً يدين القمع في هذا البلد. غير أن هيغ اعترف أيضاً أن احتمالات صدور قرار ضد سورية «غير مضمونة»، مشدداً على أن «الوقت حان» لأن يتحدث الرئيس السوري بشار الأسد إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وأضاف أن القرار المطلوب يجب أن يدعو سورية إلى «الاستجابة للمطالب المشروعة والإفراج عن سجناء الضمير، ورفع الحظر على الإنترنت والتعاون مع المفوض الأعلى لحقوق الإنسان». وقال المسؤول البريطاني إن الحصول على قرار دولي يدين سورية «أصعب كثيراً» من الحصول على القرار الذي دان ليبيا وسمح باستخدام القوة لحماية المدنيين. وتابع «لا يوجد إمكانية لصدور قرار من الأممالمتحدة يشبه القرار رقم 1973 الذي صدر بحق ليبيا... في حالة ليبيا صدرت دعوة واضحة من الجامعة العربية للتحرك، وكان ذلك أمراً حاسماً. ولم ترد دعوة مشابهة بخصوص سورية». كما انتقد هيغ كذلك إيران وقال إن سورية «تتلقى بلا شك مساعدة من الحكومة الإيرانية» من خلال تزويدها ب «المعدات» والنصائح حول كيفية قمع المتظاهرين. وأضاف أن دور إيران هو «مثال مذهل على النفاق في العلاقات الدولية». وفي برلين، قالت ألمانيا إن العمليات التي يشنها الجيش السوري في شمال البلاد تجعل صدور قرار من مجلس الأمن «أمراً اكثر إلحاحاً من أي وقت مضى». وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلي الذي تشغل بلاده حالياً مقعداً غير دائم في مجلس الأمن، في بيان إن «جهودنا السياسية الدبلوماسية لا تزال موجهة إلى تمرير مسودة القرار التي أعددناها (مع بريطانيا وفرنسا والبرتغال) في مجلس الأمن بالسرعة الممكنة». وأكد «أدين الأعمال التي تقوم بها القيادة السورية في شمال البلاد. إن العنف واستخدام الأسلحة الثقيلة تهدد بخلق أزمه إنسانية». كما دانت إيطاليا «لجوء السلطات السورية غير المقبول للعنف» وطلبت السماح للصليب الأحمر بالدخول «فوراً ومن غير قيود». وقال مكتب رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني في بيان إن «الحكومة الإيطالية تتابع بقلق تطور الأزمة الإنسانية الناجمة عن هجوم القوات الحكومية على شمال سورية». وأضاف البيان أن إيطاليا «تدين لجوء (النظام السوري) غير المقبول للعنف ضد شعبه» ودعا الحكومة إلى «وقف العنف». وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون قد اعرب مجدداً على هامش زيارة إلى كولومبيا عن «حزنه وقلقه العميقين» إزاء الوضع في سورية حيث يقتل «الكثير من الأشخاص». وقال بان «لقد أدليت بالكثير من التصريحات وتحدثت مرات كثيرة مع الرئيس الأسد كي أقول له إن عليه أن يتخذ اجراءات فورية وحاسمة وأن يستمع لشعبه». كما أعربت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون عن «قلقها الشديد لتدهور الوضع الإنساني» في سورية، مجددة نداءها بالتوقف عن قمع المتظاهرين وبالسماح بوصول الوكالات الإنسانية. وقالت آشتون في بيان ليل اول من امس إنها تشجب «التصعيد في استخدام القوة الوحشية ضد المتظاهرين في سورية خلال الأيام الماضية». وأضافت «أنا قلقة جداًًًًًًً لتدهور الوضع الإنساني الناجم عن أعمال السلطات السورية، وأطالبها بالسماح فوراً بدخول مراقبين دوليين لحقوق الإنسان ووكالات إنسانية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر». وتابعت آشتون «اكرر نداءاتي العديدة إلى السلطات السورية كي تغير مسلكها»، مشيرة إلى أن هذا التغيير «يتضمن إطلاق سراح كل الذين اعتقلوا على خلفية التظاهرات اضافة إلى كل السجناء السياسيين الذين ما زالوا معتقلين رغم قرارات العفو التي اعلنها مؤخراً الرئيس الأسد». وشددت الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي على أن «الحصار المفروض على مدن، بما فيها درعا وجسر الشغور، يجب أن يرفع من دون تأخير»، وأن «المسؤولين عن أعمال العنف والقتل يجب أن يحاسبوا». وأكدت أن «إطلاق النار على المتظاهرين ومهاجمتهم واعتقالهم والانتهاكات المقلقة جداً للحقوق الأساسية للإنسان يجب أن تتوقف حالاً لإفساح المجال أمام حوار وطني». وتأتي دعوة آشتون بعيد ساعات على اتهام البيت الأبيض للنظام السوري بالتسبب ب «أزمة إنسانية» بقمعه العنيف للحركة الاحتجاجية ومطالبته دمشق بالسماح فوراً بدخول فرق الإغاثة الطبية. وأوضح البيت الأبيض:»»إذا لم يسمح القادة السوريون بهذا الأمر فإنهم سيثبتون مجدداً انهم يزدرون كرامة الشعب السوري».