وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الموجة الجديدة من الإصلاحات في بلاده بأنها جزء من العلاج ب «الصدمة» الذي يُعد ضرورياً لتطوير الحياة الثقافية والسياسية في المملكة. وقال ولي العهد في حوار مع «واشنطن بوست» أجراه الكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس منتصف ليل الإثنين الماضي، في نهاية اليوم الذي شهد إصدار الأوامر الملكية الجديدة، إنه يحظى بدعم شعبي ليس فقط من الشباب السعودي القلِق، وإنما أيضاً من أفراد العائلة المالكة. ورفض انتقاد سياساته المحلية والإقليمية، التي وصفها بعضهم بأنها «محفوفة بالمخاطر»، قائلاً إن التغييرات تُعد «جوهرية لتمويل تنمية المملكة ومكافحة أعدائها، مثل إيران». ورفض المخاوف لدى بعض المؤيدين في الولاياتالمتحدة في شأن خوضه صراعات على جبهات كثيرة ومخاطرته، قائلاً إن «اتساع وتيرة التغيير وسرعتها يُعتبران ضروريين للنجاح». وأكد ولي العهد أن التغييرات التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الإثنين الماضي هي جهود لتوظيف الأشخاص أصحاب «الطاقة العالية» الذين يستطيعون تحقيق أهداف العصرنة، مضيفاً: «نريد العمل مع الطموحين». وأشار إلى أنه خُطِط للتغييرات العسكرية منذ سنوات من أجل الحصول على نتائج أفضل للإنفاق السعودي على وزارة الدفاع. وقال إن ترتيب جيش المملكة، التي تملك رابع أكبر موازنة للدفاع في العالم، يقع في المرتبة بين 20 و30 في قائمة أفضل الجيوش في العالم. وأوضح الأمير محمد بن سلمان أن الحملة على الفساد في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي كانت مثالاً على «العلاج بالصدمة» الذي تحتاج إليه المملكة بسبب الفساد المستشري. وقال: «إن ذلك مثل أن يكون لديك جسدٌ مصاب بالسرطان في كل أعضائه، سرطان الفساد، عليك استخدام العلاج الكيماوي، وإلا فإن السرطان سيلتهم الجسم». وأردف أن المملكة لن تتمكن من تحقيق أهداف الموازنة من دون وضع حدٍ لهذا النهب. وتابع ولي العهد إنه يتذكر الفساد، حيث حاول أشخاص استخدام اسمه وعلاقاته التي بدأت في أواخر سن المراهقة. وأضاف: «كان الأمراء الفاسدون قلةً، لكن الجهات الفاعلة السيئة حظيت باهتمام أكبر. لقد أضرت بقدرة العائلة المالكة». ولفت إلى إطلاق جميع الموقوفين باستثناء 56 شخصاً، بعد دفعهم تعويضات. وأضاف: «معظمهم يدركون أنهم ارتكبوا أخطاء كبيرة، وقد قاموا بالتسوية». وشدد على أن «الصدمة» كانت ضرورية أيضاً لكبح التطرف، وهي محاولة لإعادة تطبيق الممارسات التي طُبقت في عصر النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). وحول استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في تشرين الثاني الماضي قال ولي العهد: «إنه الآن في وضع أفضل» في لبنان مقارنة بميليشيا «حزب الله» المدعومة من إيران. وكان الأمير محمد بن سلمان تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليل أول من أمس، وفق بيان للبيت الأبيض أشار إلى أن الجانبين بحثا نشاطات إيران «المزعزعة للاستقرار» وقضايا أمنية واقتصادية. وأضاف البيان أن الرئيس الأميركي وجه الشكر إلى الأمير محمد بن سلمان لإلقائه الضوء على السبل التي يمكن من خلالها دول الخليج العربي «التصدي في شكل أفضل لنشاطات إيران المزعزعة للاستقرار، وهزيمة الإرهابيين والمتطرفين». وأفاد مصدر في الحكومة السعودية بأن ولي العهد السعودي سيقوم بزيارة قصيرة لأميركا بين 19 و22 آذار (مارس) الجاري، تشمل إضافة إلى واشنطن، نيويورك وبوسطن. وقال القائم بأعمال السفارة الأميركية في الرياض كريستوفر هينزيل، في تصريح إلى «الحياة»، إن الشراكة الأميركية مبنية على المصالح الأساسية المشتركة في الازدهار الاقتصادي والأمن والاستقرار. وتابع: «لدينا تاريخ طويل من التعاون الضروري للاستقرار الإقليمي، والتعاون السعودي- الأميركي أدى إلى تأسيس مركز لاستهداف تمويل الإرهاب، كما رحبنا بتأسيس مركز «اعتدال»، وهو المركز الدولي لمحاربة التطرف الفكري ونشر التسامح والتعايش المشترك».