اثارت مطالبة اعضاء وفد من الكونغرس الاميركي، يزور بغداد حالياً، العراق بدفع الخسائر التي تكبدتها قوات بلاده منذ احتلالها العراق في ربيع 2003، غضب الحكومة والاوساط السياسية، والتصريحات التي ادلى بها اعضاء الوفد بعد منعهم من زيارة معسكر اشرف والتحقيق في مقتل نحو 35 من عناصر منظمة «مجاهدين خلق» داخل المعسكر اخيراً الى اصدار الحكومة العراقية قراراً بطرد الوفد من العراق. وعلى خلفية تصريحات رئيس وفد الكونغرس الاميركي دانا روهر باشر عضو لجنة العلاقات الخارجية التي قال فيها انه ناقش مع رئيس الوزراء نوري المالكي موضوع «تعويضات الجانب الاميركي حول خسائر جيشه في العراق» اعتبر النائب عن «التحالف الوطني» عضو لجنة الامن والدفاع حاكم الزامليان هذه التصريحات «ورقة ضغط» يستخدمها الاميركيون لدفع الحكومة العراقية باتجاه «التمديد» لوجود قواتهم في العراق. وكان ستة من أعضاء الكونغرس، عقدوا مؤتمراً صحافياً في مقر السفارة الأميركية طالبوا فيه بغداد بدفع تعويضات عن خسائر الجيش الأميركي في العراق، لكون الحكومة الأميركية لا تستطيع أن تتكبد مبالغ طائلة في ظل الوضع الاقتصادي الحرج. ودعا الزاملي الى وضع «برنامج وطني لمطالبة الحكومة الاميركية تعويض الشهداء والجرحى وما لحق بالبنى التحتية في البلاد من دمار». وحمل الحكومة العراقية مسؤولية «تمادي» الاميركيين في مطالبات «غير منصفة». ولفت الى ان «هذا جزء من تداعيات موافقة الحكومة والبرلمان على صرف 400 مليون دولار كتعويضات لاميركيين تضرروا من النظام السابق». وكان مجلس الوزراء اقر في أيلول (سبتمبر) الماضي، تعويضات لأميركيين بنحو 400 مليون دولار، حكمت فيها محاكم اميركية ضد النظام السابق، ووافق عليها البرلمان في أيار (مايو) الماضي، باعتبارها اتفاقية تسوية المطالبات بين حكومة العراق و الولاياتالمتحدة الأميركية. واتهمت النائب عالية نصيف جاسم، عن «القائمة العراقية البيضاء» في بيان، امس إدارات البيت الأبيض المتعاقبة بأنها «تسببت بعدد من الكوارث للعراق منذ عهد جورج بوش الأب الذي عاقب الشعب العراقي عام 1991 على أمر لا ذنب له فيه بدلاً من معاقبة النظام السابق، مروراً بالحرب التي نسفت البنى التحتية للعراق والحصار الإقتصادي الذي جعل هذا البلد النفطي يعيش مجاعة حقيقية». وتشير الاحصاءات الرسمية للحكومة العراقية الى ان 70 في المئة من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر الذي قدرته ب170 الف دينار عراقي للفرد شهرياً، بما يعادل حوالى 143 دولاراً. ولفتت جاسم ان كتلتها ستجمع تواقيع أعضاء البرلمان الأحد «لمطالبة الجانب الاميركي بدفع تعويضات عن الخسائر المادية والبشرية التي تسببت بها للعراق منذ عام 1991 والى يومنا هذا». وانتقدت جماعة علماء ومثقفي العراق ما صدر في شأن مطالبة العراق بتحمل نفقات الاحتلال، وقال الامين العام للجماعة قتيبة عماش ان «الغزو الأميركي للعراق لم يأت لتحرير العراق إنما جاء لاستنزافه وسرقة موارده الاقتصادية». ووصف النائب السابق عن «جبهة التوافق العراقية» حسين الفلوجي تصريحات باشر بأنها «وقاحة وصلافة» واعتبره مؤشراً «يكشف مدى الضعف الذي اصاب الحكومة العراقية والتي اصبحت عاجزة عن المطالبة بحق ابناء شعبها على ما تسبب به الغزو الاميركي من قتل وتشريد للمدنيين». وكانت الحكومة العراقية اعلنت على لسان الناطق باسمها علي الدباغ انها أبلغت السفارة الأميركية في بغداد ضرورة «مغادرة عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي العراق كون وجودهم غير مرغوب فيه». ويأتي القرار على خلفية تصريحات اعضاء الوفد حول التعويضات وفي اعقاب منعهم من زيارة معسكر اشرف لاجراء تحقيقات حول مقتل 35 من عناصر منظمة مجاهدين خلق اثر دخول الجيش العراقي المعسكر اخيراً. واعتبرت الخارجية العراقية ان «تصريحات الوفد أثارت حفيظة العراق، لكنها بذات الوقت بينت أنها لا تستدعي الطرد وانه قرار اتخذته الحكومة من دون العودة لخارجيتها». وقال عضو العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي حسن شويرد ل «الحياة» إن «تصريحات اعضاء الكونغرس استخدمت كورقة ضغط على الجانب العراقي لتمرير قرار تمديد بقاء القوات الأميركية».