أظهرت دراسة أميركية يا دارسين ويا عارفين ويا فهمانين، أن واحداً من أصل 25 مراهقاً في الولاياتالمتحدة لديه نزوع لا يقاوم نحو زيادة الوقت الذي يقضيه على الإنترنت، الأمر الذي دفع الخبراء إلى التساؤل عن ظاهرة الإدمان هذه، فمن منكم يجري لنا دراسة عن هذه الظاهرة، خصوصاً أن نصف مجتمعنا مراهق ونصف من بلغ سن النضوج مراهق ونصف من بلغ الشيخوخة ما زال مراهقاً؟ على هذه النسب يصبح 80 بالمئة من رجالنا مراهقين وحلوين وبنحبهم وبنحب مصلحتهم وعلينا وجبت دراسة إدمانهم، بل قولي إدماناتهم، لأن أي نوع من الإدمان يصاحبه عذاب واكتئاب، وإدمان هذه الشبكة بالذات قد يصل بصاحبه إلى المخدرات والسلوك العدواني أيضاً، ونحن مش ناقصين نتخدر ولا نكتئب ولا عدوان ولا عنف. في المقابل نحن لا نوفر لشبابنا مجالاً ينطلقون منه ويعبرون عن أنفسهم، ولا مجالاً للترفيه ولا مكاناً للرياضة ولا مولاً ولا أبو الهول ولا قصص أم الغول ولا منطقاً ولا تحليلاً ولا ولا ولا، فحلت هذه الآلة التي في عالمنا العربي وصارت تستخدم لتسلي وتحلي وتطعم الطفشان والقرفان والزعلان واللي هبلها كمان ويا كثرهم! يا أختي كم مرة عندما أحاول أن أتلصص على أهالي «فيسبوك» و«تويتر» والمتوترين، ألمس قدراً كبيراً من الحرمان ومن النقص العاطفي، ومن حب الظهور حتى لو كان باستعراض الصور أو الألفاظ أو الشتيمة أو حتى القذف... يا ساتر. أقرأ لناس كل طلبها الاحترام وتريد من يحترمها أو ينظر إليها فتحكي أشكالاً وألواناً وشرقي وغربي وما تعني ولا نعني، وناس تريد أن تبرهن نفسها بأي طريقة كانت فتطرح مواضيع بريئة، إلا أنها في منتهى الخطورة، وناس تريد أن تعلن عن بضائع، استهلاكية كانت أم تجارية أم سياسية، وناس تريد أن تتعرف وتتسلى فقط فتتعرف على الناس الغلط وتقع في اللغط والغلط، وناس تريد أن تخترق وتدمر وتخرب، فهل هذه الآلة هي النادي الشبابي أم الهايد بارك؟ أو هي دور العجزة أو الكوفي شوب أو دور اللهو؟ لعلها حلت مكان الخاطبة، لكن من دون دبلة الخطوبة واكتفت بدبلة القلب، ولعلها الحزب والتنظيم والتنظير ونحن لا ندري ومنساقين، فالعالم العربي يحب ولو كان بصل، ولعلها هذا كله وأكثر. لست أدري من هي في عالمنا، لكنني نادراً ما المس أي مؤشر من استعمالنا لهذه الآلة الذي يدل على أي علم أو تبادل معلومات أو حتى أدب وشعر ورومانسية. لكني وفي الوقت ذاته ألمس تجانساً بين الناس، إذ انها تسقط التمييز بين الرجل والمرأة والعمر والدين والأصل العائلي والفرق الطبقي وحتى طريقة اللباس لا تراها، ولذا فإن الناس عندنا من كثر ما يفرضون على بعضهم تمييزاً وأحكاماً تجدهم أكثر راحة وقبول لبعضهم على الإنترنت، ومن كثر ما يقولون أشياء في العلن ويمارسون أشياء مختلفة في السر يرتاحون لبعضهم وتسترهم هذه الشاشة. وللأسف الشديد فإن بعضهم ينقل كل عقده العدوانية فيجرح ويؤلم ويمارس العنصرية وفش الخلق على الجميع من خلاله، والعنصرية وحدها كما تعرفون داء خطير تجعل أي إنسان تمارس عليه شديد الغضب، فما الذي يجعل أي إنسان أفضل من البقية؟ لا بد أن لكل إنسان ما يميزه، يضع سره في أضعف خلقه! إلا أن هذه العنصرية تاريخياً تعتبر جديدة على الإنسان ودخيلة عليه من يوم بدأت الناس تسافر، وظن بعض الأوروبيين أن ذوي البشرة الداكنة أو الآسيويين هم أقل منهم شأناً ويجب أن يكونوا عبيداً لهم، وليس آخرهم هو هتلر، حينما صنف البشر درجات، بل هناك الكثير ممن زرعوا في الناس هذه الفروقات. تفكير سيئ جر إلى أنواع وأشكال كثيرة من التمييز والعنصرية المتزايدة في التاريخ المعاصر، فهل استطاعت العولمة أو بالأصح هذه الآلة تجاوزه؟ أم خلقت المزيد من التيوترات والتوترات؟ في كل الأحوال: قل لا للعنصرية! وقل لا للتمييز! وقل لا للخراب! وللمرة المليون احترم نفسك وحكم عقلك وضميرك وأنت تستعمل هذه الآلة. اليوم كل هذه الشعوب المتعددة الأصول والتي تعيش جنباً إلى جنب لن تستطيع أن تكمل مشوارها على متن سفينة الانترنت ببضعة أحكام مسبقة وقديمة وتصورات مشوهة عن بعضها، حان الوقت لتغيير عاداتنا فكلنا رفاق سفر من خلاله، وكلنا يتحدث مع بعضه في غرف هذه الشبكة، فهل نكمل أحاديثنا بهذا القذف وبهذه الشتيمة وبهذا العنف وهذا الخراب الذي سيدمر البيوت العامرة؟ أم نبحث عن عيش مشترك متناغم لا وجود فيه للتويترات المولدة للعنف؟! إن الحد الفاصل ما بين احترام الآخر وحرية التمادي ليس من السهل رسمه في زمننا العربي هذا، وحرية الرأي لا تعني التبلي على الناس ولا الضرب بالحائط بكل الأخلاق والقيم والضوابط، وهذه الآلة إن كانت تعني مزيداً من العدوانية لمن يدمنها، فأرجوكم جدوا لذلك علاجاً، فنحن بصراحة مش ناقصين عنف ولا إرهاب ولا مخدرات ولا إدمان. قالها قبلي عادل إمام: نريد كباب! نريد أن نأكل عنباً لا أن نتخانق مع النواطير، ولذا نحتاج إلى احترام بعضنا وقبول بعضنا في المرآة قبل الجلوس أمام ووراء الشاشات وغرف التشات وسلم لي على الشات. خلف الزاوية بريئة كنت في هواك وسطحية أحببتك كما تحب الناس الأشياء العادية هواء وماء وشمس... وليال قمرية كسعي الناس للأشياء الخرافية للعدل للسعادة لهواء الحرية فكأنما أحببت بك المحال وكأنما سعيت لتجسيد الخيال وما كنت سوى فتاة بلهاء غبية [email protected]