دمشق، عمان، نيقوسيا - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - أكد ناشطون وشهود عيان، أن الجيش السوري بدأ عملية عسكرية في منطقة جسر الشغور بمحافظة إدلب (300 كلم شمال دمشق)، وذلك بعد استقدام عشرات الدبابات وناقلات الجند والمزيد من القوات الى المنطقة. وتزامن ذلك مع خروج عشرات الآلاف من السوريين في تظاهرات «جمعة العشائر»، التي حضّت عشائر سورية على الانضمام للحركة الاحتجاجية. وقال شهود وناشطون إن التظاهرات تميزت بالاتساع، إذ شملت دمشق وحلب وحمص وحماه والقامشلي ودير الزور وبانياس ومناطق اخرى عديدة. وكان لافتاً ان عدد أكبر من المتظاهرين خرج في كل من دمشق وحلب، اللتين لم تشهدا حتى يوم امس خروجاً كبيراً للتظاهرات. وبحسب ناشطين وشهود، فإن قوى الامن ردَّت على التظاهرات بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في عدة مدن، ما أدى الى عشرات القتلى والجرحى. وحول عملية جسر الشغور، قال التلفزيون السوري الرسمي: «وردنا قبل قليل من مندوب الأخبار في منطقة جسر الشغور.. استجابةً لنداء الأهالي... وحدات الجيش العربي السوري بدأت تنفيذ مهماتها في منطقة جسر الشغور للسيطرة على القرى المحيطة وإلقاء القبض على عناصر المجموعات المسلحة»، موضحاً أن العملية ضرورية من اجل اعتقال العصابات التي روَّعت المدنيين. وقال شاهد ل «فرانس برس»، إن القوات العسكرية قصفت القرى المحيطة بجسر الشغور لدى تقدُّمها نحو المدينة. وأضاف أن «الجنود أضرموا النار في حقول القمح في قرية الزيارة» التي تبعد خمسة عشر كلم جنوب شرق جسر الشغور، غير ان معظم السكان كانوا قد فروا مطلع هذا الاسبوع من المدينة، والتي أصبحت شبه «خالية» منذ ثلاثة أيام، بعد عمليات تمشيط بدات في الرابع من حزيران (يونيو)، وفق ناشطي حقوق الانسان. وقال سكانٌ إن نحو 40 دبابة وناقلة جند انتشرت على بعد حوالى سبعة كيلومترات من جسر الشغور. وقال أحد اللاجئين، بعد ان عبر الحدود الليلة الماضية إلى تركيا وعرَّف عن نفسه باسم محمد: «جسر الشغور خالية فعلياً. لن يجلس الناس حتى يذبحوا كالخراف». وكان لافتاً ان عملية الجيش جرت بمواكبة ممثلي ثلاث وسائل اعلام عربية وأجنبية، بينهم موفد «الحياة» الى تلك المنطقة. وتحدث عدد من الاهالي عن اهمية دخول الجيش لإعادة الهدوء وتخليص المنطقة من المسلحين الذين هددوا الأهالي. وقال شهود عيان ل «الحياة»، إن «التنظيمات المسلحة أضرمت النار بالمحاصيل الزراعية والأحراش في المنطقة المحيطة بجسر الشغور»، وإن اعضاء هذه التنظيمات «روَّعوا السكان وحرقوا الممتلكات العامة والخاصة واعتدوا على عناصر الجيش والأمن ومثَّلوا بجثثهم» في الأيام الاخيرة. وقال أحدهم : «قامت عناصر مسلحة بإحراق حقول القمح لمواطنين رفضوا التعاون معهم»، وإن التنظيمات المسلحة في القرى المحيطة بجسر الشغور «حاصرت صوامع الحبوب وهددت الأهالي بحرق محاصيلهم». وأفادت وكالة (سانا) امس، أن «عدداً من المواطنين في إدلب رحّب بدخول الجيش العربي السوري إلى منطقة جسر الشغور لإلقاء القبض على التنظيمات المسلحة التي روعت الآمنين، واعتدت على أرواح الأبرياء، وقتلت أفراد الشرطة والقوى الأمنية في كمائن غادرة، وأحرقت الممتلكات العامة والخاصة، وبثت الذعر والخوف بين الأطفال والنساء». ونقلت عن سيدة قولها إنها شعرت ب «الارتياح الشديد لدى سماع نبأ وصول الجيش إلى جسر الشغور». إلى ذلك، خرج عشرات الآلاف من السوريين في تظاهرات «جمعة العشائر». وقال المرصد السوري لحقوق الانسان، إن قوات الامن قتلت بالرصاص ما لا يقل عن اثنين من المحتجين، عندما فتحت النار على مظاهرة مطالبة بالديموقراطية في حي القابون في دمشق امس. وقال رامي عبد الرحمن، مدير المرصد: «كانت على ما يبدو تظاهرة كبيرة، نظراً للاستخدام المباشر للرصاص الحي ضدها»، مضيفاً أن تلك المعلومات حصل عليها من شهود عيان. وقال نشطاء آخرون إن قوات الامن أطلقت نيران بنادق آلية، بعضها من فوق أسطح مبان، على التظاهرة التي طالبت بالإطاحة بالنظام. كما أعلن المرصد أن متظاهرَيْن آخرين قتلا برصاص عسكريين في بلدة بصرى الحرير في محافظة درعا جنوب سورية. وافادت وكالة (سانا)، ان مسلحين أطلقوا النار على مواطنين في حي بابا عمرو في مدينة حمص وسط البلاد، ما أدى إلى إصابة أحد عناصر حفظ النظام، اضافة الى استشهاد أحد العناصر في جنوب البلاد، كما أشارت الى سقوط جرحى من الشرطة والامن برصاص «تنظيمات مسلحة» في معرّة النعان شمال شرقي البلاد. وأشارت الوكالة الى ان أهالي مدينة حلب تلقوا «تهديدات لعدم مشاركتهم في التظاهرات». وأوردت «سانا»، أن «عشرات الشبان تجمعوا عقب صلاة الجمعة وراء جامع الحسن في حي الميدان بدمشق وعلى جوانبه، ولدى خروج المصلين هتفوا بهتافات تحريضية من دون استجابة أحد من المصلين، الذين بقوا في الجامع إلى أن انفض هؤلاء الشبان، كما تجمع حوالى 125 شخصاً أمام جامع الغفران في منطقة القابون بدمشق، وهتفوا للحرية واعتدوا على قوات حفظ النظام وجرحوا بعضهم». وأشارت الوكالة الى «تجمع عشرات المواطنين أمام الجامع الكبير في مدينة عامودا، وأمام جامع القاسم بالقامشلي (في شمالي شرقي البلاد)، وهم يرددون الهتافات. وانفضت التجمعات في رأس العين وعامودا لاحقاً والحياة طبيعية». وزادت :»في دير الزور حصل تجمع بالقرب من دوار غسان عبود في دير الزور، ردد المتجمعون خلاله هتافات مختلفة، ولا توجد أي احتكاكات مع قوى الشرطة والأمن». ونقلت «سانا» عن مراسلها في حمص وسط البلاد، حديثه عن «تجمع نحو 200 شخص في حي الخالدية بحمص، وتجمع آخرون بالقرب من دوار 8 آذار (مارس)، ورددوا هتافات مختلفة، كما أطلق مسلحون النار على المواطنين في بابا عمرو بحمص، ما أدى إلى إصابة أحد عناصر حفظ النظام، فيما أصيب عنصر آخر برصاص مسلحين في جورة العرايس بحمص». وفي درعا، اكدت الوكالة «استشهاد عنصر من قوات حفظ النظام ومدني في بصرى الحرير بدرعا، جراء إطلاق مسلحين النار على سيارة تابعة لقوات حفظ النظام». ونفت الوكالة ما أوردته فضائيات عن وجود تظاهرات في بلدة كفر شمس، وعن خروج آلاف المتظاهرين في درعا، مؤكدة أن «مجموع من خرج لا يتجاوز عددهم العشرات». وفي إدلب شمالي غربي البلاد، قالت «سانا» إن «مئات المسلحين انتشروا في بنش وتفتناز في إدلب، وروعوا الأهالي، وقاموا بإطلاق النار على المواطنين وقوات حفظ النظام في معرة النعمان. وأطلقت مجموعة مسلحة من خارج معرة النعمان النار على الأهالي والمفارز الأمنية، ومازالت تجوب الشوارع».