يتميز المراسلون في المناطق الساخنة عن سواهم، بحالة الاستنفار الدائمة في سلوكياتهم المهنية، وتجاوز مراحل الخوف أو الشعور بالتردد. مراسل قناة "العربية" لتغطية أحداث ليبيا أحمد بجاتو لفت انتباه كثير من المشاهدين بتقاريره التي تميزت بكثير من الجرأة وشيء من التهور، بعدها تم اتهامه بأنه يحمل جواز سفر "إسرائيلي" ساعده على الدخول عبر منظمات دولية إلى ليبيا، وهو ما نفاه في حديثه ل"الحياة"، قائلاً: «هذا كذب، أنا لم أدخل ليبيا بأي جواز سفر لا إسرائيلي ولا حتى مصري، بل دخلت ببطاقتي الشخصية، بعد أن تم تكليفي من إدارة القناة بمحاولة الدخول، فتم ذلك عبر قافلة طبية وببطاقتي الشخصية، بعد أن رفضوا دخولي بجواز السفر». وعن أول مكان توجّه إليه فور دخوله إلى ليبيا، قال: «توجهت في البداية إلى مدينة طبرق، وقمت بعمل تقرير عن إذاعة طبرق الحرة، وهي إذاعة قام بإنشائها شباب المدينة من إمكانات بسيطة لتكون لسان حال الثورة والثوار، ثم توجهت بعدها إلى بنغازي لتغطية مظاهرة الجمعة الحاشدة، وكان هذا أول ظهور مباشر لي من هناك».وحول قصة اللقطة التي تسربت على موقع "يوتيوب" ويبدو فيها مع مراسل قناة "الجزيرة" وكأنهما يتشاجران، قال: «كنا في بلدة راس لانوف، وكنت قد وصلت إلى بيت استهدف بالقذف، وأردت أن أقوم بعمل لا يف والبيت في خلفيتي، وذلك قبل وصول مراسل قناة "الجزيرة" بساعة ونصف، لكنه فور وصوله وجدته يريد أن يأخذ نفس مكاني الذي أقف به، فتركته له وأخذت الجانب الآخر، لكنني فوجئت به يقف في خلفية صورتي ليحجب الصورة، فتحدثت معه ليأخذ الجانب الآخر لكنه بقي في مكانه، وهو ما أثار ضيقي وضيق الموجودين، حتى إن أي مشاهد للمقطع يستمع فيه إلى اعتذار بعض الأشخاص، أحدهم كان من فريق "الجزيرة"، وأنا على أي حال نسيت الموقف تماماً، ولا أشغل نفسي إلا بالسبق وكيف أقوم بعمل مختلف.وفي ما إذا كان قد تلقّى تهديدات من النظام الليبي جراء تقاريره، أوضح بجاتو: «تعرضت لتهديدات مختلفة أبرزها كان تليفونياً من أشخاص عدة، ولأن القناة تولي أهمية كبيرة لسلامة مراسليها، فتم توجيهي من رئيس تحرير القناة نبيل الخطيب وبقية المسؤولين في "العربية" بإبعادي عن ليبيا، لكن الأخطر من التهديدات كان تنفيذ تقارير تحت قصف النيران، فعند تفجير معسكر الرجمة للأسلحة جنوب مدينة بنغازي، كان فريق القناة أول الواصلين، وصدمنا بحجم الجثث والأشلاء وكان ذلك ليلاً، فخرجنا سريعاً مع الناس، ثم عدنا في ساعات الصباح الأولى، وفوجئنا ببعض المسعفين يقولون احذروا الاقتراب فإن بعض الأسلحة قد تنفجر في أية لحظة، ولم يعرفوا أننا كنا متواجدين في نفس وقت القصف، وأمور أخرى كثيرة كلما تذكرتها حمدت الله على السلامة.ولفت مراسل العربية إلى أن من أهم أسس التغطية التلفزيونية في مثل هذه الأحداث هو "الاقتراب من الجوانب الإنسانية ومن واقع حياة الناس، ننقل واقعهم إلى الشاشة، ونكون أقرب ما نكون إلى الحقيقة، لذا قمت بعمل العديد من التقارير حول معيشة الفقراء وأسر الشهداء وأطفال الثورة والحياة المعيشية اليومية، إضافة إلى أن فريق "العربية" كان أول من زار "كتيبة الفضيل بو عمر» التي جرت عندها الأحداث التي فجرت الثورة، وقمنا بعرض السجون وبيت القذافي الذي أحرقه القذافي نفسه، وكنا أول من صور المرتزقة وأجرى معهم لقاءات، وأسرى كتائب القذافي وأجرينا العديد من اللقاءات الحصرية مع الكثيرين كعبد الفتاح يونس رئيس أركان جيش الثوار، وأعتقد أنني كنت الصحافي الوحيد الذي يعرف المكان الذي يقيم فيه، وكذلك فتحي تربل أحد مفجري الثورة الليبية وأحمد الشريف الذي قضى في السجن أكثر من 30 عاماً وغيرهم".وعن تأثير هذه الأحداث في علاقته بأهله وتواصله معهم، قال: "أنا غير متزوج، وأمي هي كل حياتي، وفي كل اتصال بيننا كانت تبكي أكثر مما تتحدث، حتى أبلغتني إدارة القناة بالعودة حفاظاً على حياتي". بجاتو كما ظهر في «يوتيوب» خلال مشادة مع مراسل قناة «الجزيرة».