تصطدم المشاورات في شأن تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة التي استؤنفت بوتيرة عالية مطلع الأسبوع الماضي، بعد أن أمضت «إجازة قسرية» بسبب الاختلاف على توزيع الحقائب والوزراء بين أطراف الأكثرية النيابية، بعقدة قديمة – جديدة، تتمثل في تمنع رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون عن تسليم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لائحة بأسماء الوزراء العشرة للتكتل، فيما يسعى حليفه «حزب الله» الى إقناعه بالتجاوب مع طلب ميقاتي من دون ان يفلح في تعديل موقفه. ومع ان نواباً من تكتل التغيير، وعلى رأسهم ألان عون وزياد أسود، أوحوا في تصريحات لهم أمس، بأن التكتل قدم كل ما عليه للرئيس المكلف بما فيه لائحة بأسماء وزرائه في الحكومة الجديدة، فإن مصادر مقربة من الأخير فوجئت بما صدر عنهم في هذا الخصوص، وقالت ل «الحياة» إن ميقاتي لم يتسلم أي لائحة ولو باسم وزير واحد من التكتل. وأكدت المصادر نفسها أن اللقاء الذي عقد أول من أمس بين ميقاتي والمعاون السياسي للأمين العام ل «حزب الله» حسين خليل، لم يحمل أي جديد في هذا الشأن، وان الأخير تمنى عليه التمهل ليواصل مساعيه لدى عون للحصول منه على لائحة بأسماء وزرائه، مشيرة أيضاً الى ان الرئيس المكلف ينتظر نتائج جهود الحزب لدى النائب طلال ارسلان لإقناعه بأن يتمثل بوزير دولة في الحكومة على رغم انه ما زال يهدد بحجب الثقة عنها إذا لم تعط له حقيبة وزارية أساسية، أو الاستعاضة عنها بواحدة عادية ووزير دولة. وسألت المصادر المواكبة للاتصالات كيف يحاول بعض الأطراف في الأكثرية، وتحديداً عون، ان يوحي بأن كرة التأليف هي في مرمى ميقاتي، وأن عليه ان يحسم أمره وإعلان تشكيلته، بينما يمتنع عن إيداعه لائحة بأسماء وزرائه تتضمن اسمين على الأقل للحقيبة الواحدة، ليكون في مقدور الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اختيار أحدهما، أسوة بما قام به رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي سمى أكثر من مرشح للحقيبة الواحدة وترك لهما حرية الاختيار. وأبدت المصادر خوفها من ان تكون المشاورات أمام جولة جديدة من المراوحة، تنم عن قرار البعض تأخير ولادة الحكومة، محاولاً إلقاء المسؤولية على عاتق ميقاتي، لا سيما ان عون الذي يتحدث باستمرار عن رغبته في تشكيل حكومة وازنة وواسعة التمثيل يحاول من حين الى آخر ان يحتكر التمثيل المسيحي لقطع الطريق على تمثيل رئيس الجمهورية، وكأنه يمارس حق الوصاية والانتداب على البلد. ولفتت الى ان مشاورات التأليف دخلت مجدداً في مرحلة حاسمة، وأن الساعات المقبلة كفيلة بتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، للتأكد من مدى استعداد الأطراف تسهيل مهمة تسريع ولادة الحكومة. الى ذلك، يدخل لبنان في أزمة جديدة عل خلفية الاختلاف في الموقف من دعوة بري الى جلسة تشريعية بعد غد الأربعاء على جدول أعمالها 49 بنداً، ما تسبب بسوء تفاهم بينه وبين ميقاتي، الذي كان يفضل ان يقتصر جدول أعمالها على بند وحيد يتعلق بتمديد ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقد اضطر الى اتخاذ قرار وزميليه الوزير محمد الصفدي وأحمد كرامي بالتغيب عن الجلسة، باعتبار ان موقفه هذا، كما قالت مصادره، ينطلق من كونه رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة، وحتى لا يعتبر انه قبول بواقع عدم تشكيل الحكومة والاستعاضة عن ذلك بجلسات تشريعية نيابية. وشبَّه مراقبون دعوة ميقاتي الى المشاركة في الجلسة، بدعوة شخص الى المشاركة في تشييع نفسه وهو ما زال على قيد الحياة. وعلى رغم ان بعض النواب أخذ يشيع أمس، ان هناك فرصة أمام التوافق مجدداً مع بري على حصر جدول الأعمال بالبند الخاص بالتمديد لسلامة، فإن بعضهم الآخر أكد ل «الحياة» نقلاً عن بري «ان لا تراجع قيد أنملة، وأن جدول الأعمال من 49 بنداً وحبة، وسيسمع الجميع مني يوم الأربعاء كلاماً كبيراً حول كل شيء».