بحسب الشاعر والناقد الدكتور عبدالعزيز المقالح فإن قصائد أحمد قران الزهراني، «ربما بما توافر لها من ملمح استثنائي في استخدام اللغة في التعامل مع جواهر القضايا وجواهر الأشياء، يضعه ضمن أبرز شعراء الموجة الأحدث من شعر قصيدة التفعيلة. هؤلاء الذين يواصلون إصرارهم على إعطاء القصيدة الجديدة تجلياتها العربية وجماليتها الفنية الطالعة من موروث حضاري شديد الغنى، والمفتوحة على ثقافات العالم»، إضافة إلى هذه الشهادة فإن السيرة الذاتية للزهراني تعُج بكثير من الشهادات والخبرات التي تجعله من القامات الثقافية الفاعلة، حصل على البكالوريوس من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، والماجستير في الإعلام (الإعلام والتنمية الثقافية)، والدكتوراه في الإعلام السياسي من جامعة القاهرة عن «علاقة السلطة السياسية بالإعلام»، عمل دبلوماسياً في السفارة السعودية بالقاهرة، ومديراً لإدارة الصحافة المحلية بوزارة الثقافة والإعلام بمكة المكرمة، وكان في مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الثقافي، ورئيساً لملتقى الشعر بالنادي، مثل وزارة الإعلام السعودية في عدد من معارض الكتاب الدولية، ومهرجانات وملتقيات الشعر في مختلف الدول العربية، وشارك في مؤتمر الحوار الوطني المنبثق عن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. وعمل في عدد من الصحف والمجلات السعودية. وله من الإصدارات الأدبية ديوان بعنوان «دماء الثلج» و«بياض» و«امرأة من حلم» و«لا تجرح الماء»، وأعيد إصداره عام 2013 عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر، وله كتاب تحت الطبع «علاقة السلطة السياسية بالإعلام» ويعمل حالياً مستشاراً في مكتب وزير الثقافة والإعلام. «الحياة» التقت الشاعر أحمد قران الزهراني، فإلى نص الحوار. هل تشعر بأنك تجاوزت نفسك منذ أن كتبت أول قصيدة؟ منذ البدء وحينما كنت أكتب ما يشبه الشعر راودتني أفكار كثيرة لتحقيق حلم إبداعي بأن يقرأ نصي الشعري في الوطن العربي، متلمساً في ذلك خطى الشعراء المشاهير، وعملت منذ تلك اللحظة على أن أتجاوز نفسي مرحلة بعد مرحلة حتى أصل بقصيدتي إلى الشعراء والنقاد في الوطن العربي، والحمد لله حققت انتشاراً مثالياً من خلال مجموعاتي الشعرية ومن خلال ما تنشره الصحف والمجلات العربية لي من قصائد، ومن خلال حضوري عدداً من المهرجانات الشعرية في الوطن العربي، ومن خلال الرسائل العلمية والدراسات العلمية التي تناولت تجربتي الشعرية، ما زاد طموحي ورغبتي في أن أكون اسما شعرياً مختلفاً. رؤيتك لحركة الشعر السعودي، كيف يمكن إضاءتها؟ - دائماً أقول إن حركة الشعر السعودي تفوق الحراك الشعري في الوطن العربي من حيث المنتج والمضمون والتجريب، ذلك لأن المبدع السعودي يتميز بسعة اطلاعه على التجارب الشعرية كافة المحلية والعربية والعالمية، وعدم انغلاقه على تجارب شعرية محلية أو عربية مشهورة، ما زاد خبرته الكتابية وانعكس في شكل واضح على التجربة الإبداعية السعودية. التجربة الإبداعية السعودية بأشكالها كافة تتبوأ مكانة مهمة في خريطة الثقافة العربية، وبخاصة التجربة الشعرية، ونجد ذلك من خلال تميز الشعراء السعوديين أثناء مشاركاتهم في المهرجانات واللقاءات الشعرية ومن خلال الدراسات العلمية التي تتناول تجاربهم الشعرية. كنت عضواً في مجلس إدارة نادي جدة الأدبي، فماذا أضافت إليك هذه التجربة؟ وما هي سلبياتها، وإيجابياتها؟ - الحقيقة أنا مهووس دائماً بالتجريب سواء أكان ذلك على المستوى الكتابي أم على المستوى الإداري، وبخاصة الإدارة الثقافية. ونادي جدة مؤسسة ثقافية عريقة لها تقاليدها وحضورها الثقافي في المشهد الثقافي العربي، وهو من أهم المؤسسات الثقافية العربية التي أثرت الساحة الثقافية، وبالتالي كانت التجربة بالنسبة إلي ثرية على المستوى الإداري أو المستوى الثقافي، وبخاصة أنني عملت في النادي في مناخ صحي لا مهاترات ولا خلافات لأن المجلس ضم نُخبة من الرجال الثقات والذين يتمتعون بالخلق والنزاهة والرغبة في العمل الثقافي المجرد من الذاتية التي غالباً ما تؤثر في العمل الجماعي، وكانت الإدارة برئاسة الدكتور عبدالمحسن القحطاني متوافقة إلى أبعد الحدود في القضايا التي تتعلق بالنادي، وهو ما انعكس على استقرار النادي، وبالتالي انعكس علينا جميعاً أن نعطي وأن نواصل العطاء الثقافي في هذا النادي العريق، أما الأمر السلبي في هذه الفترة فهو عدم وجود امرأة في مجلس الإدارة لأن المجلس كان بالتعيين وليس بالانتخاب، وبالتالي حرمت المثقفة من القيام بدور مباشر في مجلس الإدارة وإن كان النادي استعان بمثقفات في الفعاليات الثقافية بمسمى اللجنة النسائية، والحقيقة كن متعاونات وقدمن جهداً كبيراً في مساندة مجلس الإدارة. ومن السلبيات أيضاً محدودية الإمكانات المالية والتي وقفت أحياناً عقبة أمام تبني مشاريع ثقافية كبيرة. وفي المجلس كانت تجربتي في مجلس إدارة النادي تجربة ثرية بالنسبة إلي، إذ استضاف النادي في تلك الفترة معظم الشاعرات والشعراء السعوديين وبعض الشعراء العرب، وحينها كنت مسؤولاً عن ملتقى الشعر، كما كان لمجلة عبقر التي تشرفت برئاسة تحريرها حضور ثقافي كبير على المستوى العربي، ومن خلالها تعرفت على كثير من الأسماء الشعرية العربية الذين ساهموا في إثراء المجلة بعطاءاتهم الإبداعية. صالون الزهرانى الثقافي في القاهرة، كان ملتقى لمثقفين وأدباء من مختلف الدول العربية، ما تقييمك لهذه التجربة؟ لعل من أكبر المكاسب التي كسبتها من إقامتي في القاهرة هي تعرفي إلى المثقفين المصريين والعرب، الأمر الذي دفعني إلى أن أقيم «صالون الديوان الثقافي» في منزلي والذي استطاع خلال فترة بسيطة أن يجمع مثقفين من أنحاء الوطن العربي كافة، ومن خلاله تعرفت على أسماء ثقافية فاعلة ومعروفة، وقدمنا أيضاً من خلال الصالون أسماء شابة أصبح لها حضورها، ومن إيجابيات هذا الصالون أن الذين كانوا يحضرونه من الدول العربية أصبحت علاقاتهم وثيقة وأصبحوا يدعون بعضهم البعض إلى مهرجانات عربية عدة. وكان أيضاً حلقة وصل بين مثقفين مصريين ومُبدعين سعوديين استطاعوا أن يغيروا الصورة الذهنية السلبية للمثقف السعودي، وبخاصة الشعراء. كانت تجربة الصالون تجربة ثرية بالنسبة إلي وإلى غيري بحضورهم ومشاركتهم. كيف ترى المشهد الثقافي السعودي؟ - تحدثت في سؤال سابق عن الشعر السعودي، وقلت إنه من أبرز التجارب الشعرية العربية، والمشهد الثقافي بتنوعاته يمر في حال من الازدهار والنضوج الفكري والإبداعي، وله سطوة على المشهد الثقافي العربي، وله تأثيره وانعكاساته على المشهد الثقافي العربي، ولعبت وسائل الإعلام الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في التعريف بالمشهد الثقافي السعودي الذي يتميز بالتنوع في مدارسه وتجاربه ومرجعياته، وسيكون قريباً في مقدم المشهد الثقافي العربي، فالأسماء الثقافية السعودية أصبحت ذات حظوة لدى المتلقي العربي فضلاً على المثقف العربي، وأصبحت دور النشر والمؤسسات الثقافية تستقطب إنتاج المثقفين السعوديين وتسارع إلى إبرازها وتمييزها، وأصبحت المملكة من ضمن الدول التي يطلق عليها المتن بعد أن كانت في الهامش، بل أصبحت في مقدم دول المتن بعد أن سبقت كثيراً من الدول العربية في المجالات الثقافية كافة. تعددت إصدارات بعنوان «موسوعات الأدب السعودي» من دون معايير واضحة من أكثر من جهة، ما هي رؤيتك وتقييمك لها؟ - أعتقد أن أي عطاء ثقافي مهما كان مستواه -على ألّا يقل عن الحد المقبول - فإنه إسهام فاعل في الساحة الثقافية، والزمن كفيل بأن يخلخل المنتج ويفرز الرديء من الطيب، وبالتالي أرى أن هذه الإصدارات إن لم تنفع فلن تضر بأية حال من الأحوال، وإن كنت أرى أن يكون هناك تقنين لهذه الموسوعات وأن تتم من طريق لجان متخصصة في هذا الجانب. ماذا عن مشاريعك المستقبلية؟ - بعد أن أصدرت ثلاث مجموعات شعرية «دماء الثلج - بياض – لا تجرح الماء» ثم كتاباً نثرياً بعنوان «امرأة من حلم» أستعد الآن إلى إصدار كتاب إعلامي سياسي فكري بعنوان «علاقة السلطة بالإعلام» وأيضاً أستعد مع الشاعر اليمني الكبير أحمد العواضي لإصدار ديوان مشترك، كما أستعد بعد ذلك لإصدار مجموعتي الشعرية الرابعة، ولدي مشروع علمي أحاول أن اشتغل عليه يتعلق بالثقافة والإعلام والقضايا الفكرية، وأتمنى على الله أن يوفقني للقيام به وإنتاجه وتقديمه في شكل علمي.