حمّلت بريطانيا الجيش الروسي مسؤولية هجوم إلكتروني شلّ في حزيران (يونيو) 2017 أجهزة كومبيوتر في مصالح حكومية وشركات في أوكرانيا، ثم انتشر في العالم معطلاً عمليات في موانئ ومصانع ومكاتب. لكن الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أعلن «نفياً قاطعاً لهذا النوع من التصريحات»، معتبراً أنها «مجردة من أدلة وبلا أساس، وليست سوى استمرار لحملة كراهية ضد الروس» وجزء من حملة «خوف مرضي من روسيا» تشهدها بلدان غربية. وشنّت موسكو حملة مضادة، إذ أعلنت ناطقة باسم الخارجية الروسية، أن بلادها تملك أدلة ملموسة على «تدخل مدمّر من دول غربية» في شؤونها الداخلية، قبل انتخابات الرئاسة المرتقبة الشهر المقبل. وأضافت أن موسكو حذرت دولاً أوروبية بوجوب «وقف مثل هذه النشاطات»، وزادت: «إذا لم تتوقف سنتخذ إجراءات مضادة مشددة». وكان الهجوم، المسمّى «نوتبيتيا»، بدأ في أوكرانيا حيث شلّ أجهزة كومبيوتر في مصالح حكومية وشركات، قبل أن ينتشر حول العالم، مجمداً عمليات في موانئ ومصانع ومكاتب، بينها شركة «ريكيت بينكسر» البريطانية للسلع الاستهلاكية، وشركة «إي بي مولر - ميرسك» الدنماركية للشحن، وكلاهما تعرّض لخسائر بمئات الملايين من الجنيهات. ووَرَدَ في بيان أصدرته وزارة الخارجية البريطانية، باللغات الإنكليزية والروسية والأوكرانية، أن «الأهداف الأولى للهجوم كانت تخريب قطاعات مالية وحكومية وأخرى للطاقة في أوكرانيا، ما يؤكد تجاهل موسكو الدائم لسيادتها. وننسبه علناً إلى الجيش الروسي لتأكيد أننا لن نتهاون مع حلفائنا مع النشاطات الإلكترونية الخبيثة». ووصفت الوزارة نشر فيروس «نوتبيتيا»، وهو من عائلة «بيتيا» لفيروسات الكومبيوتر، في أنحاء العالم، ثم المطالبة بدفع مبلغ من عملة «بيتكوين» الرقمية لإزالته، بأنه «مشروع إجرامي عطّل منظمات في أوروبا، وكلّف مئات الملايين من الدولارات». وقال طارق أحمد، وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، إن «الحكومة البريطانية تعتبر حكومة روسيا وجيشها تحديداً، مسؤولَين عن الهجوم الإلكتروني المدمر»، معتبراً أن الهجوم «هدفه الرئيس إحداث بلبلبة». ورأى أن الكرملين وضع روسيا «في تعارض مباشر مع الغرب»، داعياً روسيا الى أن «تكون عضواً مسؤولاً في المجتمع الدولي، بدل محاولة تقويضه سراً». أما وزير الدفاع البريطاني غافين وليامسون، فرأى أن «الهجوم جزء من حقبة جديدة من الحرب، ويجب أن ترد بريطانيا وتكون على مستعدة للتصدي لهذه التهديدات الصريحة والكثيفة، والتي قد تسبّب مقتل آلاف». واعتبر أن روسيا لا تعمل «وفقاً للقواعد، عبر تقويضها الديموقراطية من خلال استهداف بنى تحتية أساسية وتحويل المعلومات سلاحاً»، مضيفاً: «دخلنا عصراً جديداً من الحرب، مع مزيج مدمّر وقاتل من قوة عسكرية تقليدية وهجمات معلوماتية مؤذية». وفي كانون الثاني (يناير) الماضي، اعتبر رئيس الأركان البريطاني الجنرال نيك كارتر أن روسيا تشكّل تهديداً، وطالب بمزيد من الأموال للقوات المسلحة لتتمكّن من مواجهتها. ثم أعلنت بريطانيا تأسيس وحدة جديدة وطنية مكلفة مكافحة «تضليل» مصدره دول أجنبية، بما فيها روسيا. كما تطالب لجنة القطاع الرقمي والثقافة والإعلام والرياضة، موقعَي «فايسبوك» و»تويتر» بتسليمها معلومات عن تدخل روسي محتمل في الاستفتاء على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، الذي نُظم في حزيران 2016، وفي الانتخابات النيابية بعد ذلك.