تؤدّي الأخطار بكل أنواعها، دوراً مهماً في اتخاذ القرارات الاستثمارية، سواء في أسواق المال أم في أسواق الاكتتابات أم في أسواق الإصدارات الأولية. ولا تزال التداعيات السلبية لأزمة المال العالمية، ترفع مستوى الأخطار في الاستثمار في كثير من القطاعات، خصوصاً قطاعي العقارات والأسهم، بينما ساهمت الأحداث السياسية الاستثنائية في المنطقة خلال الربع الأول من السنة، في زيادة حجم الأخطار، إذ تراجعت مؤشرات أداء أسواق الأسهم في المنطقة في شكل لافت وتعرضت كلها لخسائر في مؤشرات أسعار أسهم الشركات المدرجة، نتيجة لتفوق حجم المبيعات على حجم المشتريات، سواء من المستثمرين المحليين أم الأجانب. وتراجعت إضافة إلى ذلك، قيمة التداولات بنسبة كبيرة وأصبح مستثمرون كثيرون يفضلون الاحتفاظ بأموالهم لدى المصارف كودائع، على رغم الانخفاض الكبير في أسعار الفائدة، تجنباً منهم للأخطار. وفي نهاية آذار (مارس) الماضي بلغت خسائر مؤشرات أسواق الكويت 9.5 في المئة، والأردن 8.17 في المئة، ودبي خمسة في المئة، وأبو ظبي 4.15 في المئة، ومصر 23.5 في المئة، وتونس 14.5 في المئة. ومعلوم أن خسائر مؤشرات أسواق الأسهم الثانوية، لا تشجع على الاكتتاب في أسواق الإصدارات الأولية في صورة عامة، خصوصاً أن التأثيرات السلبية لأزمة المال العالمية أدت إلى تراجع أسعار أسهم عدد كبير من الشركات إلى ما دون قيمتها الاسمية، فيما تراجعت أسعار نسبة مهمة منها في السوق إلى أقل من قيمتها الدفترية. ومعروف أن نشاط سوق الاكتتابات أو الإصدارات الأولية، تتطلب نشاطاً قوياً ومستمراً في الأسواق الثانوية لمدة لا تقل عن ستة أشهر لتتعزز الثقة. ويرتبط تعزيز الثقة عادة، بانخفاض مستوى الأخطار وارتفاع مستوى السيولة، إضافة إلى قابلية المصارف لتقديم قروض وتسهيلات للمستثمرين في السوقين. وتتشدد المصارف حالياً في تقديم القروض إلى المستثمرين والمضاربين في هذه الأسواق، إضافة إلى أن سوق الاكتتابات الأولية تحتاج إلى طرح شركات تعمل في هذه المرحلة التي تشهد تراجعاً في مستوى الثقة. وتحتاج سوق الإصدارات الأولية أيضاً إلى طرح أسهم شركات تعمل في قطاعات واعدة وشركات تملك سجلاً حافلاً في الإنجازات، لذلك على حكومة الإمارات أن تطرح أسهم شركات تملكها وحققت إنجازات وأرباحاً قياسية خلال السنوات الماضية، لأن هذا الطرح يشجع المستثمرين بمختلف شرائحهم على الإقبال على الاكتتابات وعدم التركيز على القطاعات المتأثرة بأزمة المال العالمية، وفي مقدمها قطاعات العقارات والاستثمار المالي والتأمين. يُذكر أن حجم الاكتتابات في الأسواق الإقليمية بتراجع بعد توقف دام أكثر من سنتين ونصف السنة، إلى 21.7 مليون دولار خلال الربع الأول من السنة، مقارنة ب 420.4 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، بانخفاض نسبته 95 في المئة. وهذا مؤشر مهم على ارتفاع حجم الأخطار في الأسواق، وبالتالي التخوف من طرح أسهم شركات جديدة لا تمكن تغطيتها في ظل ظروف سياسية استثنائية. وبلغت قيمة الاكتتابات في المنطقة خلال الربع الأول من السنة، مستوى هو الأقل في خمس سنوات، إضافة إلى أن نسبة التغطية تراجعت مقارنة بسنوات الطفرة، وهذا مؤشر مهم على خروج المضاربين من سوق الاكتتابات الأولية، مع توقعات باستمرار ضعف هذه السوق خلال الربع الثاني من السنة. وشهدت الأسواق العالمية للاكتتابات إبرام 290 صفقة بقيمة 46.1 بليون دولار خلال الربع الأول من السنة، بانخفاض نسبته 14 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، إذ تصدرت بورصة نيويورك للمرة الأولى منذ عام 2008 قيمة الاكتتابات على المستوى العالمي بنحو 13.8 بليون دولار، أو ما نسبته 29.8 في المئة من إجمالي الاكتتابات العالمية، تلتها بورصة شنتشن الصينية ب 11.2 بليون دولار أو 24.3 في المئة، فبورصة سنغافورة ب 5.6 بليون دولار أو 12 في المئة، علماً أن قيمة الاكتتابات في المنطقة خلال الربع الأول من السنة لا تشكل نسبة تُذكر من قيمة الاكتتابات العالمية.