لم يكن تكليف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رئيس أركان الجيش الفريق محمد فريد علناً في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، إعادة الاستقرار إلى سيناء خلال 3 شهور، قراراً انفعالياً رداً على المجزرة الأكثر دموية التي قُتل فيها مئات المصلين في مدينة بئر العبد في شمال سيناء، إنما وراء هذه العملية العسكرية، «الإرهابيين» الأجانب والانتخابات الرئاسية، وفق ما أفادت به مصادر بارزة. وقال مصدر مصري بارز ل «الحياة»، إن تكليف السيسي سبقه رصد تحركات على الساحة الإقليمية أوجبت الشروع في تنفيذ عملية عسكرية كبرى لتجنيب مصر الآثار السلبية المحتملة للسقوط المُدوي لتنظيم «داعش» في معاقله في سورية والعراق، في الشهور الأخيرة، ما اضطر التنظيم الى اتخاذ ليبيا وشمال سيناء مراكز بديلة للمسلحين الأجانب التابعين له. وأشار المصدر إلى أن تلك المعلومات أكدتها العمليات على الأرض في النصف الثاني من العام الماضي، إذ تكررت على نحو لافت محاولات اختراق الحدود الغربية، وتغيرت مسارات التهريب والفرار من الصحراء الغربية إلى شبه جزيرة سيناء أكثر من مرة، وكشفت الهجمات الإرهابية تطوراً نوعياً في تسليح الجماعات المتطرفة في الصحراء الغربية، التي امتلكت للمرة الأولى صواريخ مضادة للدروع، إذ امتلك الإرهابيون للمرة الأولى في سيناء، تقنيات «زرع العبوات الناسفة في الأرض»، وأيضاً بالنسبة الى الجماعات الإرهابية في الدلتا التي طورت تقنيات تصنيع العبوات الناسفة وتفخيخ السيارات، مع ما يمثله هذا التطور من خطر داهم على الكتلة السكانية في العمق المصري، خصوصاً بعدما أصبحت الجماعات الإرهابية تستهدف المدنيين بذرائع مختلفة. وأوضح المصدر أن المداهمات التي حدثت في سيناء في تلك الفترة أثبتت التحاق «المسلحين الأجانب» بالجماعات المتطرفة بكثافة في سيناء، ما مكن متطرفين من الفرار من معاقل داعش في سورية والعراق إلى شمال سيناء، وهو ما أكدته معلومات عن مسؤولية أجانب عن الهجوم على مسجد الروضة في بئر العبد. وكشف الجيش في سادس بيان أصدره أول من أمس (الثلثاء)، عن العملية العسكرية الشاملة، توقيف 400 عنصر إجرامي ومشتبه به، بينهم أجانب. ولفت إلى أن كثيرين من سكان سيناء ليسوا مسجلين لدى الجهات الرسمية ولا أوراق ثبوتية لديهم، وهذا الوضع سينتهي، بمعاونة القبائل والشيوخ أصحاب الثقة من أجل تسجيل كل مواطن في السجلات الرسمية، بما يضمن سريان القوانين على الجميع. وأوضح أن تلك العملية مُعقدة، وهناك استراتيجية موضوعة لتنفيذها، لضمان حسن إدارتها، وستشمل التأكد من عدم وجود أي أشخاص غير مصريين يقيمون في شكل غير شرعي. ولفت المصدر إلى أن تلك الإجراءات استدعتها النهضة التنموية التي تنتظر سيناء في السنوات المقبلة وبلايين الدولارات التي ستُنفق على مشاريع فيها، إذ ستصبح سيناء للمرة الأولى منذ حفر قناة السويس في القرن قبل الماضي، امتداداً طبيعياً للوادي بعد ربطهما بأنفاق. في غضون ذلك، قال عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب العميد خالد عكاشة ل «الحياة»، إن بين أهداف العملية العسكرية الشاملة التي يمتد نطاقها إلى خارج سيناء، «تمرير الانتخابات الرئاسية في هدوء»، لافتاً إلى أن الجماعات الإرهابية «كانت أولوياتها في الفترة المقبلة استهداف الانتخابات الرئاسية لهز ثقة المواطنين في القيادة السياسية».