شكت عائلة الأكاديمي الإيراني – الكندي البارز كاووس سيد إمامي، الذي أعلنت السلطات «انتحاره» في السجن، بعد اتهامه بالتجسس، من ضغوط لدفنه بهدوء من دون إبلاغها السبب الحقيقي لوفاته. ووجّه أكاديميون إيرانيون بارزون رسالة إلى الرئيس حسن روحاني، تطالبه ب «تحقيق جدي» في الملف و «محاسبة» المتورطين، فيما طالب مستشار للرئيس بإشراف أكبر على القضاء. وكان الموسيقي رامين سيد إمامي، نجل إمامي، أشار إلى أن الشرطة أبلغت والدته الجمعة «انتحار» والده في سجن إيفين، بعد 17 يوماً على توقيفه. وأضاف على تطبيق «إنستغرام»: «يستحيل فهم الأنباء عن وفاة والدي. قالوا إنه انتحر. لا أزال غير قادر على تصديق ذلك». وأكد المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي «انتحار» إمامي، مشيراً الى أنه «علِم بكشف أمور كثيرة ضده، كما قدّم اعترافات» في إطار «شبكة تجسس». وكان دولت آبادي أعلن أن قوات الأمن الإيرانية أوقفت أشخاصاً «كانوا يجمعون معلومات سرية في أماكن استراتيجية، تحت ستار مشاريع علمية وبيئية»، علماً أن إمامي (63 سنة) هو بروفيسور في علم الاجتماع في جامعة الإمام الصادق في طهران، ومدير تنفيذي ل «مؤسسة تراث الحياة البرية الفارسية»، التي تسعى إلى حماية الحيوانات النادرة في إيران، وكان نال الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة أوريغون عام 1991. وأفاد «مركز حقوق الإنسان في إيران» (مقرّ واشنطن) بتعرّض عائلة إمامي ل «ضغوط شديدة لدفنه فوراً في تشييع خاص، من دون تلقي أي معلومات مستقلة ومثبتة طبياً في شأن سبب وفاته، وأن تلتزم الصمت في هذا الصدد». ونقلت عن مصادر مقرّبة من العائلة أن أسرة إمامي «تخضع لمراقبة مستمرة من الشرطة». وقال فرد من العائلة، يقيم خارج إيران، إن عائلة إمامي أبلغت السلطات أنها تريد تشريحاً مستقلاً لجثمانه، فاستجابت لهذا الأمر، لكنها لم تعلن شيئاً في هذا الصدد. وأضاف: «لا يمكن المرء أن يكون المُتهَم والمحقق، وأن يتوقّع أن يصدق الناس استنتاجاته». ووَرَدَ في رسالة مفتوحة وجّهتها أربع جمعيات أكاديمية إلى روحاني: «الأخبار عن وفاة الدكتور كاووس سيد إمامي أذهلت الأوساط العلمية والنشطاء البيئيين في البلاد، وصدمتهم. إضافة إلى كونه أستاذاً معروفاً وعالماً متميزاً ومن قدامى المحاربين، (كان إمامي) إنساناً نبيلاً وأخلاقياً». واعتبرت أن «الأخبار والإشاعات المرتبطة باعتقاله ووفاته، غير قابلة للتصديق»، وخاطبت الرئيس: «الحد الأدنى لتوقعاتنا هو أن تتخذ تحركاً فورياً وفاعلاً للتحقيق في شكل جدي في الملف، ومحاسبة المؤسسات المرتبطة بهذه الخسارة المؤلمة». ونشر كاوه مدني (37 سنة)، نائب مدير «مؤسسة تراث الحياة البرية الفارسية»، تسجيلاً مصوراً بدا بمثابة تأكيد لتوقيفه لفترة وجيزة خلال الأيام الأخيرة، علماً أنه ناشط مدافع عن المياه، احتفت الحكومة به عندما عيّنته في أيلول (سبتمبر) الماضي. ولمّح مدني، في التسجيل المصوّر الذي نشره عبر تطبيق «إنستغرام»، الى أنه واجه «مشكلات» لم يحددها، قائلاً: «أشكر جميع أصدقائي ومحبّي الذين تابعوا وضعي، وآمل بألا يواجه أحد أي مشكلات. أردت القول إنني آمن». وأضاف أنه لم يكن قادراً على الوصول إلى بريده الالكتروني وحساباته على «تويتر» و «تلغرام»، مستدركاً: «آمل بأن تكون هذه المسألة سُوِيت». وتابع: «ستمرّ هذه الأمور وإن شاء الله، سيُقضى على الفكر الضيّق لنتمكّن من تطوير بلادنا في شكل مستدام وتأمين بيئتنا للجيل المقبل». وأعلن الناشط الحقوقي الإيراني عماد الدين باقي، الذي سُجن مرات في الماضي، أنه «شعر بالذنب» بعد علمه بوفاة إمامي، وكتب على «تلغرام»: «خوفاً من أن يستغلّها أعداء إيران، رفضت كشف المعاملة السيئة التي تعرّضت لها اثناء اعتقالي. لو أننا جميعنا تحدثنا، لعرفنا سبب حدوث كوارث من هذا النوع في السجون». أما حسام الدين آشنا، مستشار روحاني، فطالب بإشراف أكبر على القضاء الذي يهيمن عليه الأصوليون، اذ كتب على «تويتر»: «القضاة والمدعون والضباط والمحققون ليسوا معصومين ولا خالين من العيوب. من الضروري الإشراف على طريقة تعاملهم مع المتهمين، بالطريقة التي يتم فيها الإشراف على السلطة التنفيذية». وأضاف في إشارة إلى المدعي العام السابق سعيد مرتضوي، الذي دين بعد مقتل 3 متظاهرين في السجن خلال احتجاجات 2009: «يكفينا مرتضوي واحد، لا نريد آخر».