أثارت وفاة الناشط البيئي الإيراني- الكندي البارز كاووس سيد إمامي صدمة في البلاد، بعدما أعلنت السلطات انتحاره في السجن، اثر 17 يوماً من توقيفه واتهامه بالتجسس. أتى ذلك بعد إعلان السلطات «انتحار» شخصين احتُجزا خلال الاحتجاجات التي هزّت إيران قبل أسابيع، وأسفرت وفق أرقام رسمية عن مقتل 25 شخصاً، فيما أشار نائب إلى توقيف 5 آلاف فرد. وأكد المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي وفاة إمامي، مشيراً إلى توقيفه في إطار «شبكة تجسس». وأضاف: «كان هذا الشخص بين المتهمين، ونظراً إلى أنه علِم بكشف أمور كثيرة ضده، كما قدّم اعترافات، انتحر في السجن مع الأسف». وكان دولت آبادي أعلن السبت أن قوات الأمن الإيرانية أوقفت أشخاصاً «كانوا يجمعون معلومات سرية في أماكن استراتيجية، تحت ستار مشاريع علمية وبيئية». أما رئيس دائرة القضاء في طهران غلام حسين إسماعيلي فأعلن «التعرّف إلى أفراد جمعوا معلومات وقدّموها لأجانب، أوقف بعضهم فيما قد يُعتقل البعض الآخر مستقبلاً»، مشيراً إلى أن «الكشف عن الملف وتفاصيله ليس ممكناً في هذه المرحلة». وكان الموسيقي رامين سيد إمامي، نجل إمامي، أشار إلى أن الشرطة أبلغت والدته الجمعة بوفاة والده. وأضاف على تطبيق «إنستغرام»: «يستحيل فهم الأنباء عن وفاة والدي. قالوا إنه انتحر. لا أزال غير قادر على تصديق ذلك». وكان كاووس سيد إمامي (63 سنة) بروفيسوراً في علم الاجتماع في جامعة الإمام الصادق في طهران، ومديراً تنفيذياً ل «مؤسسة تراث الحياة البرية الفارسية»، التي تسعى إلى حماية الحيوانات النادرة في إيران، علماً أنه نال الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة أوريغون عام 1991. وأعلن «مركز حقوق الإنسان في إيران» (مقرّه نيويورك) أن ما لا يقل عن تسعة موظفين وتنفيذيين آخرين في المؤسسة، أوقفوا في اليوم ذاته لاعتقال إمامي. بين هؤلاء هومان جوكار الذي رأس برنامجاً لحماية الفهد الآسيوي المهدد بالانقراض، ورجل الأعمال الإيراني- الأميركي مراد طهباز، الذي كان عضواً في مجلس إدارة «مؤسسة تراث الحياة البرية الفارسية»، واتهمته وكالة «تسنيم» المرتبطة باستخبارات «الحرس الثوري» في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بأنه صياد للحيوانات الكبيرة، يحاول الاستحواذ على أراض للحديقة الوطنية في شمال إيران. ويتحدر طهباز من عائلة ثرية صنعت ثروتها قبل الثورة عام 1979، وكانت تملك صحيفة «كيهان». وشكّكت «رابطة علم الاجتماع الإيرانية»، التي كان إمامي عضواً نشطاً فيها، في مزاعم انتحاره، معتبرة أن «المعلومات التي نُشرت عنه غير قابلة للتصديق»، وتابعت: «نتوقّع من المسؤولين الردّ وتزويد الناس بمعلومات في ما يتعلّق بوفاته». وقال أكاديمي عرف إمامي جيداً: «الجميع في حال صدمة. كان أحد أفضل الأساتذة. كان عميقاً وهادئاً جداً. لم يكن مسيساً إطلاقاً. أحبّ إيران والبيئة». وأضاف أن إمامي «عاد أخيراً من كندا، حيث كان يجري بحوثاً. ولدى عودته، استدعي مرات» من السلطات. وذكرت ناطقة حكومية في كندا أن «مسؤولي القنصلية الكندية في أنقرة يعملون لجمع مزيد من المعلومات ومساعدة عائلة المواطن الكندي». وقالت ناهد سيامدوست، وهي باحثة في جامعة ييل وتعرف إمامي: «كان رجلاً متبحراً في المعرفة وعطوفاً جداً وكريماً. عاش حياة بسيطة مرتبطة بالطبيعة، وهذا السبب وراء كونه رجلاً ملهماً».