انتخب «حزب الشعوب الديموقراطي» الكردي في تركيا، قياديَين يخلف أحدهما زعيمه المعتقل صلاح الدين دميرطاش، استعداداً للانتخابات النيابية عام 2019. واعتُقل دميرطاش (44 سنة) مع عشرات من نواب حزبه، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، ويُتهم بإدارة «تنظيم إرهابي» وبالقيام ب «دعاية إرهابية» و «التحريض على ارتكاب جرائم»، ويواجه السجن ل142 سنة. وأعلن الشهر الماضي أنه لن يترشح لولاية جديدة في رئاسة الحزب. وانتخب أعضاء الحزب النائب السابق سيزاي تيميلي (54 سنة) خلفاً لدميرطاش، وبروين بولدان (50 سنة) رئيسة مشاركة للحزب. وتخلف بولدان، نائب رئيس البرلمان، سيربيل كمال باي، التي كانت تولت المنصب خلفاً للقيادية السابقة فيغين يوكسكداغ، المحتجزة الآن. ويختار الحزب امرأة ورجلاً في رئاسته، ترسيخاً للمساواة بين الجنسين. وعُقد المؤتمر وسط تدابير أمنية مشددة في أنقرة، إذ غصّت القاعة بآلاف من الأنصار الذين لوحّوا براية الحزب الذي يتخذ الشجرة شعاراً. وقالت بولدان: «الحلّ ليس مع الحرب بل السلام، ليس مع الموت أو القتل، إنه مع الحياة وترك الآخرين يعيشون». وأضافت: «لن نشارك في هذه الفترة المظلمة والفوضوية من تاريخ تركيا. لا يعنينا إلى أي مدى يحاولون عزلنا ولا إلى أي مدى يحاولون تثبيط همتنا بالقوة وسياسات القمع. سنعتمد على القوة المذهلة لحقوقنا وشرعيتنا، بنورها الساطع مثل الشمس». وكان زوج بولدان قُتل عام 1994، بعدما أعلنت الحكومة امتلاكها لائحة برجال أعمال موّلوا «حزب العمال الكردستاني». وتضرّر الحزب كثيراً، نتيجة حملات تطهير طاولته، إثر محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، ويؤكد توقيف أكثر من 350 من أعضائه نتيجة معارضتهم عملية «غصن الزيتون» التي تشنّها تركيا في عفرين السورية. ورأس دميرطاش لثماني سنوات، الحزب الذي تعتبره السلطات التركية واجهة سياسية ل «حزب العمال الكردستاني». لكن الحزب الذي يشكّل ثالث أبرز تكتل في البرلمان، يرفض هذه المزاعم مؤكداً أنه مستهدف بسبب معارضته الشديدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وأعلن الحزب توقيف 3300 من أعضائه، منذ تموز (يوليو) 2015، بعد انهيار وقف للنار بين القوات التركية و «الكردستاني». وقال الناطق باسم الحزب إيهان بيلكن: «هذه الأجواء (من الضغوط) منتشرة وممنهجة ومتجذرة، إلى حد أننا ندرك أن علينا تعاطي السياسة في هذه الظروف». وخلال المؤتمر، عرض المنظمون على شاشة عملاقة صوراً لزعيم «الكردستاني» عبدالله أوجلان، علماً أنه مُعتقل في جزيرة إمرالي التركية. ويشكّك كثيرون في أن يتمكن «حزب الشعوب الديموقراطي» من تكرار الإنجاز الذي حققه عام 2015، حين فاز ب80 مقعداً في الانتخابات التشريعية في حزيران (يونيو)، حارماً حزب «العدالة والتنمية» الحاكم من الغالبية المطلقة. لكن الحزب خسر 21 نائباً في الانتخابات المبكرة التي نُظمت في تشرين الثاني من السنة ذاتها. وتمكّن الحزب من تحقيق اختراق في الانتخابات، بفضل شخصية دميرطاش الذي حوّل الحزب تنظيماً يسارياً حديثاً وتقدمياً، مستقطباً مؤيّدين من خارج القاعدة الكردية. لكن بيلكن أكد أنه «سواء كان دميرطاش مرشحاً أم لا، سواء كان رئيساً مشاركاً أم لا، فهو يبقى شخصية بارزة في الحياة السياسية وسيواصل تعاطي السياسة أياً تكن الظروف». ووجّه دميرطاش رسالة مكتوبة تُليت خلال المؤتمر، ورد فيها: «إذا كان ردّ (حكومة أردوغان) على المقاومة هو اعتقالنا، يمكنهم أن يشيّدوا ألف سجن إضافي، لن يجدوا مكاناً يسعنا جميعاً».