يظهر المزج بين التراث المعماري والثقافي جلياً في البنايات الواقعة في محيط الميادين والشوارع والممرات المكونة لمنطقة وسط القاهرة، الشهيرة بالقاهرة الخديوية. وعُدت ميادين عدة في العاصمة المصرية نبراساً للفنون والإبداع في كل المجالات، وعلى دربها تسير الممرات الشهيرة الواصلة بين شوارع وسط القاهرة. في ممر بهلر الواصل بين شارعي طلعت حرب وقصر النيل في وسط القاهرة، إنطلق مهرجان ليالي «ممر بهلر للفنون والإبداع»، الذي تنظمه محافظة القاهرة بالتعاون مع «مؤسسة مصر الخير» و «مؤسسة الحوار لفنون ثقافات الشعوب»، علماً أنه انطلق قبل ثلاثة أيام ويستمر إلى الثلثاء. وعُد مهرجان «ممر بهر» رسالة سلام إلى العالم من قلب القاهرة الخديوية، إذ شهدت الفاعليات عروضاً هادفة إلى تنمية الإنسان ثقافياً، واستعادة قيم وأخلاق وإبداعات الشخصية المصرية الثرية، لتعانق التراث المعماري والثقافة والتاريخ في ربوع القاهرة الخديوية. والاحتفالية التي أقيمت للمرة الثانية في ممر بهلر في وسط القاهرة تهدف إلى تحويل الممر من ممشي سير بين شارعين إلى ممر ثقافي وفني، وساحة للفنانين لعرض موهبتهم في الشارع سواء في الغناء أو الرسم. ويتضمن المهرجان عروضاً فنية للإنشاد الديني، والتراتيل والألحان القبطية، وتقدمها العديد من فرق الطبول النوبية، والآلات الشعبية، مع أوسكاريزما للموسيقى النحاسية، مع موسيقى الفلامنكو، وصولو الفيولينة. ويعود اسم «ممر بهلر» إلى بداية القرن الماضي، حين افتتح فندق الكوزموبوليتان في وسط العاصمة القاهرة، وكان يديره بلجيكي يدعى بهلر، وصممه أحد المعماريين الإيطاليين هو الفونس ساسو، وما زال الفندق يحتفظ حتى الآن بجانب كبير من فخامته وطرازه المعماري الفريد. وبهلر من أشهر الممرات التجارية في وسط البلد، ويصل ما بين شارعي قصر النيل وطلعت حرب. ويتقاطع مع ممر آخر، يعرف باسم ممر الشاي الهندي، وتكثر فيه محال الملابس، والأحذية، ويضم أيضاً المركز الثقافي الهندي. واكتسب بهلر الشهرة الواسعة التي كان يتمتع بها الممر حتى السبعينات من القرن الماضي، حين كان الممر يضم عدداً من المحلات المتخصصة في تقديم الخدمات لنجوم الفن والمجتمع. ولا سيما أشهر مصففي شعر الفنانات، وزوجات المشاهير، وكان يضم مكاناً متخصصاً في بيع منتجات الجلود الطبيعية في وسط البلد.