بعد أن شكّل «فيسبوك» نافذة للتسلية والتواصل وتوسيع دائرة المعارف من محلية إلى عالمية، تطوّرت الاستخدامات ليصبح أداة لتصدير الآراء وتشكيل فرق فكرية واجتماعية وساحة للمطالبة بالحقوق. وفيما تشهد مواقع التواصل الاجتماعية زحفاً سعودياً للانضمام بالكتبة على «الجدران الافتراضية»، غذّت المساحة البيضاء في هذه الجدران ثقافتي المقاطعة والمطالبة، تدريجياً، لتتطور مقاطعة برنامج تلفزيوني أو دعوة للمطالبة بحق معين من فئة ما، إلى ميدان للحملات المطالبة بالحقوق تباعاً، ومن مختلف الفئات والشرائح. ما بات لافتاً بشدة، أن قضايا الحقوق وأروقة المؤسسات الضيقة وأوراق القضايا المكدسة لم تعد قاعات المحاكم المغلقة مكان تداولها فقط، فساحات الإنترنت الواسعة والمفتوحة تشهد كل يوم ظهور حملة جديدة في السعودية، بقصد لفت الانتباه، كما يؤكد الكاتب والروائي السعودي عبده خال «حملات فيسبوك المتزايدة وسيلة جديدة لرفع الصوت ولفت أنظار وأعين الجهات المسؤولة». ويضيف: «عندما تكون القضية فردية فإنها تظل في دهاليز الجهة المعنية، ويمكن أن تنسى، أما الجماعية فهي تلفت الانتباه أكثر». ويرى خال أن الحق في المطالبة بالحقوق هو حق لكل الفئات «يحق لأي فئة متظلمة أن تطالب بإعادة حقوقها المسلوبة، ومن حق الجهة التي رفع عليها التظلم أن تدافع عن نفسها». وأكد أن كثرة الحملات عبر الإنترنت «تقودنا إلى غياب قنوات توصيل المعلومة للمسؤول، وهذا ما يجعل الإنترنت وسيلة لإيصال صوت الشخص إلى فضاء واسع الحرية كما أنه الحل الأمثل والحضاري والأرقى». وأشار إلى ضرورة وجود قنوات حقيقة متمثلة في وجود نقابات، بغض النظر عن المسمى المهم لقنوات التواصل بين فئات المجتمع والفئات المسؤولة عن هذه الفئات، مؤكداً أن «الحاجة تولد الوسيلة». في حين أوضح المتخصص في شؤون الإعلام الإلكتروني سلطان العتيبي أن تزايد أعداد هذه الحملات «أمر طبيعي ومتوقع»، لكن يعتقد أن «العبرة ليست بكثرة هذه الحملات، إنما بطبيعة ونوعية وسلامة الأهداف المرجوة منها»، مشيراً إلى أنه بناء على طبيعة تلك الحملات ونوعيتها، يمكن تصنيفها بالإيجابية والسلبية. وأضاف: «توجد حملات تستحق الإشادة وتنساق ضمن الإطار العام لتوجه القيادة السعودية في محاربة الفساد المالي والإداري ومحاسبة المسؤولين المقصرين، ومن يسيء استخدام الصلاحيات الممنوحة له وإقامة العدل بين أبناء المملكة»، لكنه وصف حملات أخرى ب «الكيدية»، غرضها تشويه سمعة المملكة وقيادتها أو تشويه سمعة قطاع أو جهاز معين من أجهزة الدولة، من دون وجود مطالب حقيقية خلفها، على حد قوله. وأكد سلطان العتيبي أن ثقافة المطالبة بالحقوق «ليست أمراً جديداً»، وتابع: «لم تكن في يوم من الأيام ممنوعة أو محظورة، بل بالعكس كانت الأبواب ولا تزال مشرعة ومفتوحة أمام جميع المواطنين بلا استثناء، والأمثلة والأدلة كثيرة، ولكن ما اختلف طريقة عرض هذه المطالب باستخدام الوسائل الإلكترونية». ويرى العتيبي أن التوجه لاستخدام التقنية أصبح لعرض المطالب علناً، بحثاً عن الدعم المحلي وربما الدولي للضغط لتنفيذ هذه المطالب. وهذا في نظري هو الهدف الأول من هذه الحملات، أما الهدف الثاني فيتمثل بإيصال تلك المطالب لصاحب الصلاحية. وكانت الشبكة الاجتماعية «فيسبوك» كشفت من خلال مراكزها الإحصائية عن وصول عدد مستخدمي موقعها في السعودية إلى أكثر من 3 ملايين مستخدم بنسبة 13 في المئة من عدد السكان . ويستخدم «فيسبوك» في العالم أكثر من 500 مليون مستخدم، وتأتي الولاياتالمتحدة في المرتبة الأولى في عدد المستخدمين وبواقع 152 مليون شخص تليها إندونيسيا ب 35 مليون مستخدم، ثم بريطانيا ب28 مليون فتركيا ب26 مليون ثم الفيليبين ب22 مليون مستخدم.