بعد مخاض دام 4 أشهر، اتفق الائتلاف المسيحي بزعامة المستشارة الألمانية أنغيلا مركل والحزب الاشتراكي الديموقراطي بقيادة مارتن شولتز أمس، على برنامج حكومة «التحالف الكبير» الجديدة، بعد تسوية ما تبقى من خلافات شائكة في اليومين الماضيين اللذين كانا حاسمين. وحدّد المفاوضون الحقائب الوزارية لكلّ من الأحزاب الثلاثة. ولم يكن مفاجئاً اختيار مركل لمنصب المستشارة للمرة الرابعة على التوالي، لكن المفاجأة كمنت في انتزاع الحزب الاشتراكي حقيبة المال من المسيحيين للمرة الأولى منذ العام 2005 الذي سجّل نهاية حكم المستشار الاشتراكي غيرهارد شرودر مع حزب الخضر، ما عكس تنازلات كبرى قدّمتها مركل. ومع حصول الاشتراكيين على وزارة المال، أراد الجميع توجيه رسالة إلى الاتحاد الأوروبي، وإلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضاً، مفادها نهاية سياسة التقشف المالي التي كان يتبعها فولفغانغ شويبله، وهو من متشددي حزب مركل، وواجه انتقادات واسعة في دول منطقة اليورو التي عانت من صعوبات خلال ولايته التي دامت ثماني سنوات. وكان شولتز قال قبل أيام إن حزبه ضَمنَ أن أي اتفاق مع حزب مركل سيُنهي «التقشف الإجباري» ويضع موازنة استثمارية لمنطقة اليورو. وينص مشروع التحالف على التركيز على إنعاش أوروبا، بما يتوافق مع أولويات ماكرون، ويقضي بقبولٍ حذِر للفكرة الفرنسية في شأن موازنة استثمارية لمنطقة اليورو، وحماية أفضل للدول الأعضاء في الأزمة المالية. وبعدما كان شولتز أعلن أنه سيدخل الحكومة الجديدة في حال الاتفاق على برنامجها، أشارت مصادر أمس، إلى أنه سيتولى حقيبة الخارجية التي يشغلها صديقه زيغمار غابرييل، الرئيس السابق للحزب الاشتراكي. وأُفيد أيضاً بأن الرئيس الاشتراكي لحكومة ولاية هامبورغ أولاف شولتز، سيتسلّم حقيبة المال. لكن المفاجأة الكبرى أمس تمثلت في كشف مصادر اشتراكية أن شولتز قرّر، لأسباب مجهولة، أن يستقيل قريباً من رئاسة الحزب ومن موقع نائب المستشارة مركل، وفق التقليد المتبع، على أن يُصبح أولاف شولتز نائباً لها. واقترح وزير المال رئيسة التكتل النيابي للحزب أندريا نالس لرئاسة الحزب. وحصل الحزب الاشتراكي على حقائب أخرى مهمة، مثل العمل والعائلات والعدل والبيئة، فيما حصل الحزب المسيحي الديموقراطي على وزارات الدفاع والاقتصاد (كانت مع الاشتراكيين) والزراعة والصحة والتعليم. أما الحزب المسيحي الاجتماعي، الحليف البافاري لحزب مركل، فنال وزارة الداخلية التي كانت مع المسيحيين الديموقراطيين، ووزارتَي المواصلات والتعاون الإنمائي. وأفادت أنباء بأن رئيس الحزب هورست زيهوفر سيكون وزير الداخلية الجديد. وكان منتظراً انتهاء المفاوضات الأحد الماضي، لكن المناقشات تواصلت حتى ليل الثلثاء- الأربعاء، وانتهت قبل ظهر أمس في مقرّ الحزب المسيحي الديموقراطي، لإنهاء مسألتيْن أساسيتيْن بالنسبة إلى الاشتراكيين قد تحسمان موقف 460 ألف عضو في الحزب سيصوّتون في الأسبوعين المقبلين على برنامج حكومة التحالف الكبير، على أن تُعلَن النتيجة مطلع آذار (مارس) المقبل.