دخان الشهرة لم يحجب عن عينيه دور الإعلامي المسؤول، وصك النجاح لم يجعله يستكين لما حققه. غليان الشارع العربي لم يقيّده داخل جدران السياسة، وجنون الواقع اللبناني لم يبعده عن ملامسة حاجات الناس. برنامجه هو البرنامج السياسي الاول في لبنان، ومع هذا، هدفه ان يكون اسماً على مسمى: «كلام الناس». إنه الإعلامي مارسيل غانم. اما المناسبة، فليست لتهنئته ببرنامجه «مباشر مع مارسيل» الذي أطل به على الجمهور العربي، ولو متأخراً، إنما للثناء على حلقته الأخيرة من برنامج «كلام الناس» الذي يطل به أسبوعياً على شاشة «أل بي سي» منذ سنوات. في هذه الحلقة، لم يخش مارسيل ان تطلق عليه شركات التبغ النار، ولم يعبأ لاحتمال خسارة جزء من زبائنه - المدخنين طبعاً -. حرص على ألاّ يمر «اليوم العالمي لمكافحة التدخين» من دون ان يكون لبرنامجه دور. استبق الموعد. شارك على طريقته في حملة المجتمع المدني للحضّ على إصدار قانون منع التدخين في الاماكن العامة في لبنان، أسوة ببلدان كثيرة. وهل من مؤازرة أهم لأصحاب الحملة من وضع لوغو «ممنوع التدخين» في ذيل الشاشة طوال ساعتي البرنامج السياسي الأكثر مشاهدة في لبنان - خصوصاً ان مضمون الحلقة لا علاقة له بالتدخين-، وإرفاقه بين الحين والآخر، في شريط الأخبار، بإحصاءات وحقائق دامغة ومرعبة أحياناً حول عواقب التدخين على صحة الانسان؟ يدرك مارسيل غانم أهمية الصورة، والأكيد أنه مطّلع على دراسات تشير الى تأثر المراهقين المدخنين بالإعلانات التي تعج بها الشاشات. إعلانات لم تعد تمرّ على «أل بي سي» بعد قرار المحطة وقفها عن شاشتها على رغم الخسائر المالية التي قد تنتج من مثل هذا القرار. وحبذا لو يشكل هذا الأمر حافزاً لمحطات أخرى تكتفي بتمرير تلك العبارة المضحكة التي بالكاد يمكن فكّ شيفرتها لصغر حجم الحرف المكتوبة به: «وزارة الصحة تحذر من خطر التدخين»، فيما الشاشة مشرّعة لحسناوات وشباب على الموضة بين شفاههم سجائر. 31 أيار (مايو)-اليوم العالمي لمكافحة التدخين، تاريخ قد يكثر فيه الحديث على شاشاتنا عن أخطار التبغ، ولكن ماذا عن الأيام الباقية ودور الشاشات في تعزيز هذه الآفة؟ «70 في المئة من المراهقين المدخنين تأثروا بإعلان مباشر عبر وسائل الإعلام»، ملخص دراسة أُعدّت في لبنان حول دور التلفزيون السلبي... ولكن ماذا لو انقلبت المعادلة، وحذت الشاشات كلها حذو «أل بي سي»، وقبلها «أم بي سي»، وتجرأت وقالت بصوت عالٍ: نحو شاشات بلا دخان؟