شيع جثمان الموسيقي السعودي الشهير سراج عمر إلى مثواه الأخير فجر أمس (السبت) في مقبرة الرويس بجدة. نعته الأوساط الفنية وعزفت له ألحان الوداع ونكأت شجن الأيام الخوالي التي كان فيها «سراج» وقاداً بالفن ومشتعلاً بالحياة، وافته المنية عن عمر يناهز ال72 عاماً قضى أكثر من 50 منها في العطاء الفني. ويعد عمر واحداً من أهم وأكبر الموسيقيين السعوديين، وأبرز الأسماء التي لمعت في عالم الغناء والموسيقى منذ الستينات الميلادية، وهو عضو مؤسس في اتحاد الفنانين العرب، وأول عضو سعودي سجلته جمعية المؤلفين والملحنين في باريس، وعضو في المجمع العربي للموسيقى، وقام بإعادة توزيع النشيد الوطني السعودي. ولحّن سراج عمر أغاني خالدة في الذاكرة الموسيقية السعودية، منها «أغراب»، و«ما تقول لنا صاحب»، و«مرّتني الدنيا»، لكنه اكتسب شهرة عربية واسعة من خلال تلحينه الأغنية الخالدة «مقادير» في 1965، التي كتب كلماتها الشاعر الراحل الأمير محمد العبدالله الفيصل، وغناها المطرب الراحل طلال مداح. وبرحيل سراج انطفأت أرواح أبطالها الثلاثة، في ما بقية جذوة أثرهم متبقية في ذاكرة الناس وحاضرة على ألسنتهم، بوصفها واحدة من أجمل وأفضل ما جادت به الأغنية السعودية. وعلى رغم تعاقب الأجيال وتصرّم الآجال، بقي لحنه، الذي أسبغه قبل 40 عاماً على الأغنية الوطنية الأشهر، التي يقول مطلعها: «بلادي بلادي منار الهدى... ومهد البطولة عبر المدى»، وارداً في واقع الناس حتى اليوم، فضلاً على أن سراج عمر طور النشيد الوطني، وأعاد توزيعه بالآلات النحاسية العسكرية. ونعاه أهل الفن من كل أصقاع العالم العربي، وتناولوا مقطوعات فاخرة كان له الفضل في صياغتها على النحو الذي تبقي معه حية نابضة في وجداناتهم بلا زوال، 50 عاماً مكتنزة كثير من الفن الذي لا ينضب، ويجود به بلا انتهاء، وبعد معاناة طويلة مع المرض ألزمته الفراش الأبيض بعض الوقت، استسلم للموت. انطفأ بريق منزله الذي كان يصفه للغرباء «بيتي في حي الرويس العريق»، ودفن السبت في الحي ذاته الذي يحبه ويفضله، وبحسب رغبته ووصيته، وطوى في ترابه جسداً منهكاً من المرض وروحاً أزهقت طاقتها في تشييد أركان الفن الخالد وبنيان اللحن الراكز الذي لا يزول.