قبل ثلاثين سنة، امتزجت النغمات الموسيقية الساحلية مع هدير الأمواج في مدينة بورسعيد على ساحل البحر المتوسط في شمال شرق مصر، إذ كان أبناء المدينة الباسلة (أطلق هذا الاسم على المدينة لصمودها أمام العدوان الثلاثي على مصر) يغنون النمط الغنائي الخاص بالمدن الساحلية، والذي يعرف بموسيقى السمسمية، واشتهرت به– آنذاك- فرقة «الطنبورة». مع غروب شمس كل أربعاء، منذ عام 1989، كان يجلس أعضاء فرقة «الطنبورة» في مقهى «النجمة» ببورسعيد، ليقص قائد الفرقة على الجالسين والمارة حكايات مدن القناة بين التهجير والحرب، وفق الريس زكريا إبراهيم، الذي يقول ل «الحياة»: «الطنبورة فرقة غنائية موسيقية راقصة تتفاعل مع المسرح الارتجالي الشعبي. أسستُها في نهاية عام 1988، لجمع التراث الموسيقي الشعبي وإحيائه وربطه بالحياة في مصر». شهدت مدينة بورسعيد فترة ما بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر) عام 1973 فترة عرفت آنذاك بعصر الانفتاح الاقتصادي، وبرزت المدينة كواحدة من المدن الساحلية المهمة في التجارة في مصر كونها باتت منطقة حرة. يضيف الريس إبرهيم: «أبرز الصعوبات التي واجهتني في تكوين هذه الفرقة هي محاولة إقناع الشباب بالانضمام، ومع ذلك تمكنّا من إنتاج نحو 20 ساعة أغنيات تراثية للمدينة.، وفي الربع الأول من عام 1989، حددنا الأربعاء من كل أسبوع ليكون موعد الملتقى الثقافي لأبناء المدينة الباسلة». السلعة الجيدة تلقى رواجاً في الأسواق، هكذا أراد الريس إبراهيم أن يصف النمط الفني الذي تقدمه فرقته «الطنبورة»: «في سنوات معدودة حققت الفرقة انتشاراً واسعاً في غالبية ربوع مصر، وتعددت مشاركتها في محافل محلية ودولية، وأبرز المشاركات كانت في دار الأوبرا المصرية عام 1994. وفي 1996، شاركنا في مهرجان عمار يا مصر، ومؤتمر جرش الدولي في الأردن، ومؤتمر كندا للموسيقى للشعوب، وحصلنا على المركز الأول. وقدمنا عروضنا في السويد والدنمارك وألمانيا وإنكلترا. وألفت إلى أن إسبانيا من الدول التي حققت فيها الطنبورة رواجاً كبيراً، تليها اليونان وروسيا والإمارات وتنزانيا وكينيا ومالي». صدرت لفرقة الطنبورة ستة ألبومات على مدار تاريخها الفني، وصدرت أول اسطوانة مدمجة من إنتاج معهد العالم العربي في باريس عام 1999. وأنتج عنها فيلم طويل بعنوان «الضمة» عام 1998 إخراج سعد هنداوي، وفيلم تسجيلي مدته 15 دقيقة عام 1997 إخراج مصطفى الحسناوي. أما آخر الإصدارات الفنية للفرقة فهو ألبوم بعنوان «نوح الحمام» (عام 2002). وأنشأت الفرقة مدرسة باسم «براعم الطنبورة» لتعليم الصغار هذا النمط الموسيقي والغنائي.