لم يكن وقوف الشاعر القطري محمد بن فطيس المري أمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وضيوف المملكة من شيوخ وأمراء، في اختتام حفلة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل وقوفاً عادياً بل كان حضور قطر أمام ملك الإنسانية الذي لم ينساها أو يغفل عنها، وكانت قصيدته رسالة واضحة وصريحة على غير عادة الشاعر ابن فطيس، ولعله أراد منها أن تكون مباشرة لتصل لمن أرادها أن تصل إليه ليسمعها ويفهمها بوضوح، وشاعر المليون وحامل لوائه والذي خطف أنظار الناس وأسرهم، وقف شامخاً أمام الملك ليصفه بصقر الجزيرة، الذي هشه صقَّاره الملك عبدالعزيز ل«يدسم مخلابه شارب صاحبه»، وفعل ذلك وزاد. حضور قطر في صورة شاعرها الذي سحبت منه الجنسية عقاباً على مواقفه الوطنية الرافضة لما تمارسه الحكومة القطرية من «تصرفات غير مسؤولة» بحسب تصريح سابق له، كان قصيدة لوحدها تزينت بأبيات شاعر ماهر في عزف المفردات، تنقل من فكرة سياسية لأخرى دون تلعثم أو تردد أو نشاز موسيقى، بل كانت الرسائل التي بعثها بقوة شخصية وثبات حجة. أكد الشاعر ابن فطيس وهو يشير بأصبعه نحو الملك سلمان بأنه «زعيم الأمة بلا منازع»، وأنه البوصلة التي تشير إلى الحق والإنسانية، حين قال «ما باقي إلا تلبس المحرم حرام»، في إشارة إلى زعامته العظيمة التي لم تثنه عن خدمة حجاج بيت الله وأنه لو استطاع لألبس المحرمين إحرامهم خدمة لهم، في صورة لاقت تصفيقاً مدوياً. لم يغب الصقر عن قصيدة ابن فطيس، وحضر في أكثر من بيت، فالشاعر الصقَّار أراد أن يكون هذا الطائر العربي عنوان قصيدته، ليشير به إلى خطر إيران على المنطقة والذي يستوجب مخالب هذا الصقر، ولم يتوان في وصف دولته قطر بالنائمة والغافلة عن هذا الخطر، وصولاً إلى رسالة مبطنة لتركيا أرسلها من تحت الماء، في إشارة إلى أنها تلعب في غير ملعبها، ووصف إنسانية الملك سلمان الذي قلبه على صنعاء وروحه مع الشام، في إشارة إلى الهم الذي يسكن قلب الزعيم والقائد العربي. دار حديث مطول بين الملك سلمان والشاعر ابن فطيس، ولم تكن مصافحة عادية، وثقتها وسائل الإعلام ليظهر على وجه ابن فطيس خجل الأبن أمام تواضع الأب، كان الحديث إشادة من ملك بمثابة جائزة استحق عليها مصافحة مطولة وحديثاً باسماً، وهذا ما أكده ولي العهد الذي توج الشاعر بمصافحة حارة وطويلة، أكدت على جزالة هذا الشاعر الفريد. حضور السياسة وبقوة في قصيدة ابن فطيس كانت رسائل واضحة، أثبت فيها أن الصقر العربي سلمان بن عبدالعزيز حاد البصر والبصيرة، فيما وصف القيادة القطرية ب»ثقيلي النوم»، والغافلين عما يدور من حولهم، وبينما المملكة تعمل على إحلال السلام بالفعل، كانت الخطابات ديدن الحكومة القطرية والرئيس التركي أردوغان وجماعة الإخوان المسلمين الذي تحتضنهم قطر بحسب الشاعر. ولم يغادر ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الأراضي السعودية قبل أن يطلق من نافذة طائرته أبيات تحيط للمملكة وعاهلها وشعبها، ليشارك بها جمهوره الغفير عبر تطبيق السناب شات، ويردد في قصيدته «تعيش دار الملوك بهيبة العاهل // اللي ما هي تجهل الدنيا مواقيفه .. الشعب من نهر جوده ناهل // وللا خصومه يكفيها كرم سيفه». بدت القصيدة مباشرة وعفوية، كتبتها مشاعر الشيخ حمدان من أرض المطار لتثبت شاعريته وحضور ذهنه بسرعة لتنتج إبداع، ولتكمل العقد الذي نظمه الشاعر بن فطيس، وتتصدر المشاهدات في مواقع التواصل الاجتماعي، ويكون حضور الملك متوجاً بحضور الشعر والشعراء.