تراجعت حدة الاشتباكات في عدن بعد ثلاثة أيام من المواجهة، واستعادت قوات الحماية الرئاسية التابعة للحكومة الشرعية، السيطرة على معسكر اللواء الرابع في حي دار سعد شمال المدينة أمس، في وقت كشفت مصادر حكومية بارزة تفاصيل مفاوضات تُجرى حالياً في قصر معاشيق الرئاسي بين ممثلين عن الشرعية وآخرين من «المجلس الانتقالي الجنوبي»، مشيرة إلى أن «إقالة الحكومة ليست من بين تلك المطالب». بموازاة ذلك، نفى الناطق باسم التحالف العربي العقيد تركي المالكي استهداف قوات التحالف أي معسكرات أو مواقع في عدن، كما نفى استهداف ميليشيات الحوثيين مطار الملك خالد في الرياض بصاروخ باليستي، مشيراً إلى رصد صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه منطقة صحراوية غير مأهولة أول من أمس. ونقلت قناة «العربية» عن قائد اللواء الرابع حماية رئاسية العميد مهران القباطي في عدن، قوله إن «قوات اللواء موجودة بالكامل داخل المعسكر، وتم تعزيزها بعدد من القادة والمقاتلين وقوات سُحبت من جبهة المخا في الساحل الغربي، ومن الشرطة العسكرية في لحج». وأعرب عن شكره لتدخل قوات التحالف من أجل حقن دماء اليمنيين، ودعمها استقرار الأوضاع في عدن. وكان مسلحو «المجلس» اقتحموا المعسكر صباح الثلثاء. وكشفت مصادر حكومية بارزة لصحيفة «عدن الغد»، أن «قيادة المجلس تقدمت بعدد من المطالب السياسية في مقابل إنهاء الأزمة الأخيرة وسحب القوات من الشوارع». وأوضحت أن «من بين المطالب إشراك المجلس الجنوبي في الحكومة الشرعية بعدد من الحقائب الحكومية، وإقالة عدد من قادة ألوية الحماية الرئاسية، وعلى رأسهم إبراهيم حيدان ومهران القباطي، وتسليم قيادة هذه الألوية إلى قيادات موالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي». وأكدت أن «من بين المطالب وقف الحملات الإعلامية التي تنظمها أطراف في الشرعية ضد وجود طارق محمد صالح في العاصمة الموقتة، والاعتراف به طرفاً أساسياً من الشرعية، وتهيئة الظروف الممكنة لقيادته جبهة سياسية وعسكرية مناوئة لميليشيات الحوثيين تنطلق من عدن والمخا». وكان مقاتلو «المجلس» تمكنوا من السيطرة على عدن بالكامل أول من أمس، باستثناء القصر الرئاسي الذي يضم مجلس الوزراء، لكنهم تخلوا عن قاعدتيْن أمس. وقال مصدر حكومي لوكالة «رويترز» إنه «تم تسليم المنشأتين الحكوميتين وانسحاب المقاتلين الجنوبيين». وأفاد سكان عدن بأن البنوك والمتاجر أعادت فتح أبوابها، واستؤنفت حركة المرور في الشوارع بعد أيام قضاها كثيرون داخل البيوت هرباً من الاشتباكات التي أدت إلى مقتل أكثر من 20 مقاتلاً. وأكد رئيس «المجلس الانتقالي» عيدروس الزبيدي لقناة «فرانس 24 العربية»، أن «الجنوبيين لا يزالون موالين لهادي، ولا يخططون للانسحاب من المعركة ضد الحوثيين». وأضاف: «طالبناه بإقالة هذه الحكومة، واستبدالها بحكومة كفاءات، ونطالب التحالف ببسط السيطرة والقيام بواجبه أمام هذا الشعب وفي هذه الظروف السيئة». وأكد الناطق باسم قوات التحالف عدم صحة ما يتداول في وسائل إعلام عن تمكّن الحوثيين من استهداف مطار الملك خالد الدولي في الرياض، مشيراً إلى أن ما تم رصده عبارة عن محاولة فاشلة من الميليشيات لإطلاق صاروخ باليستي باتجاه صحراء غير مأهولة. وأشار إلى أن جماعة الحوثيين تُقر وتعترف عبر وسائل إعلامها، بأنها تتعمد استهداف المدنيين، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية. على صلة، أعرب قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف إل فوتيل، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف أمس، عن «القلق من تدخل إيران في المنطقة وسعيها إلى السيطرة على الدول وتزويد الحوثيين أسلحة وصواريخ تستخدم ضد شريكين أساسيين لأميركا هما السعودية والإمارات»، لافتاً إلى أن «إيران تعزز علاقاتها مع كل الجماعات المتطرفة، وتدعم التطرف في البحرين، وتمثل تهديداً لأمن المنطقة بأسرها». وثمّن العمل الإنساني للرياض الموجه إلى اليمن، قائلاً: «لا شك في أن المملكة تلعب دوراً أساسياً وتبلي بلاءً حسناً في التعامل مع الصعوبات الإنسانية هناك». ورداً على سؤال ل «الحياة» أمس، أكد أن «السعودية دولة مهمة ونافذة في المنطقة والعالم، وهي شريك أساسي لنا، وقدمت الدعم الكبير للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وهي عضو أساسي في تأسيسه عام 2014، وهي اليوم على رأس تحالف في اليمن، وتواجه تحديات الحوثيين المدعومين من إيران».