رحب عدد من المستشارين ورجال القانون بإعلان رئيس مجلس القضاء الأعلى إنشاء محاكم لجرائم الأموال، معتبرين أنها ستحقق نقلة نوعية في أسلوب التعامل مع قضايا ذات طبيعة مختلفة، كما أن من شأنه تسريع وتيرة إنجاز القضايا المالية التي عادة ما تستغرق وقتاً طويلاً. وقال المحامي والمستشار القانوني خالد سامي أبو راشد إن السعودية تشهد تطوراً قضائياً كبيراً، «ومن جوانب هذا التطور إنشاء المحاكم المتخصصة والتي منها محاكم جرائم الأموال، فهي تأتي في وقت نعاني فيه من عدد من الجرائم المالية، ضحاياها آلاف المواطنين، وكونها قضايا جديدة فإنها تتطلب آلية مختلفة في التحقيق والتقاضي، الأمر الذي يستغرق زمناً طويلاً، لذلك كانت توجد حاجة ماسة لإنشاء مثل هذا النوع من المحاكم كما هو الحال في المحاكم المتخصصة في الأحوال المدنية الشخصية والمرورية مستقبلاً والتجارية والإدارية». وأشار راشد في حديثه ل «الحياة» إلى أن الوضع الحالي المتمثل في نقص عدد القضاة «يشكل عبئاً كبيراً، ويؤخر البت في القضايا، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن القاضي ينظر نحو 20 قضية في اليوم، وهو رقم كبير جدا»ً. ولفت إلى أن هناك لجاناً تمارس العمل القضائي، مثل اللجان العمالية في مكتب العمل، ولجان الفصل في منازعات الأوراق المالية في وزارة التجارة، واللجان الجمركية، لكنها تحتاج إلى تفعيل دورها من خلال العمل المستقل وتطوير الآلية، وهي بحاجة إلى أن تكون محاكم متخصصة مستقبلاً. من جهته، اعتبر المستشار القانوني الدكتور هشام مروة أن هذا القرار هو محل تقدير، وأن هذا التوجه يعكس الرغبة في المواكبة والتطور من وزارة العدل، لأن التشريعات المعمول بها عالمياً تسير على هذا الاتجاه فيما يتعلق بقضايا جرائم الأموال، نظراً إلى طبيعة تلك القضايا وتشعبها وخطورتها في الوقت نفسه. وشدد في حديثه ل «الحياة» على وجوب التأهيل والإعداد الجيد لقضاة أكفاء في هذا الشأن، بما يؤدي إلى الارتقاء بالعمل القضائي، خصوصاً في مثل هذا النوع من القضايا. فيما أعرب المحامي والمستشار القانوني عبدالعزيز نقلي عن اعتقاده بأن المحاكم المختصة بجرائم الأموال هي محاكم لها طبيعتها المستقلة، لما تقوم به من دور قضائي وحفظ للحقوق، خصوصاً ما يتعلق بقضايا التعدي على المال العام. ورأى أن انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية كان يحتم على الجهات المشرعة إنشاء مثل هذه المحاكم المتخصصة، مشيراً إلى أهمية تقنين العقوبات والنصوص المتعلقة بها، كونها قضايا ذات طبيعة خاصة. ودعا إلى سرعة إقرار نظام المرافعات ونظام الإجراءات الجزائية الموجودين حالياً في مجلس الشورى، وطالب بنظام يحدد مفهوم المال والحالات التي يعتبرها المشرع جريمة. وأضاف نقلي: «ان القضاء الحالي يعتمد على التمييز ومن درجة واحدة، بينما محاكم الجرائم المالية تعتمد على درجتين الابتدائية والاستئناف»، مبدياً تفاؤله تجاه حل وإنهاء العديد من الجرائم المالية جراء تطبيق هذا القرار، وفي مقدمها قضايا المساهمات الوهمية بجميع أنواعها وجرائم الحاسب الآلي الالكترونية.