استبقت السلطات المصرية «جمعة إحياء الثورة» التي دعت إليها مجموعات من شباب الثوار بعد غد، بإحالة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال وصديقه رجل الأعمال الفار حسين سالم على محكمة الجنايات، بتهم قتل المتظاهرين السلميين واستغلال النفوذ والفساد، كما أحيلت على النيابة العسكرية اتهامات لمبارك بتلقي عمولات في صفقات سلاح. وبهذا القرار، تتخذ محاكمة مبارك ونجليه منحى جديداً، إذ أن الإحالة على محكمة الجنايات تستلزم حضورهم موقوفين أمام المحكمة. لكن مصدراً طبياً قال لوكالة «رويترز» أمس إن مبارك لن ينقل من مستشفى شرم الشيخ حيث يعالج. ورغم أن قرار الإحالة صدر قبل ثلاثة أيام من «جمعة إحياء الثورة» التي ترفع، بين مطالب أخرى، رفض أي محاولات للعفو عن متهمين بالتورط في قضايا فساد والإسراع في محاكمتهم، فإن الداعين إلى التظاهرة أصروا على تحركهم، وأكدوا أن قرار الإحالة لن يثنيهم عن الضغط على السلطات لتنفيذ بقية المطالب، رافضين التعاطي مع مطالبهم «بالقطعة». ومن المقرر أن تتم إحالة القضية على محكمة استئناف القاهرة لتحديد جلسة عاجلة لمحاكمة المتهمين الأربعة والدائرة القضائية التي سيمثلون أمامها. وأنهى القرار أي أمل لمبارك ونجليه من الإفلات من المحاكمة، إذ يحق للنيابة وفقاً للقانون حفظ التحقيقات في أي قضية إذا لم تتوافر أدلة ضد المتهمين، لكن إحالة القضية على المحاكمة تعني ضرورة إكمالها حتى مرحلة صدور الأحكام، ليصبح مبارك ثاني رئيس عربي سابق يخضع للمحاكمة. وفي وقت رفض المحامي فريد الديب الذي يتولى الدفاع عن عائلة مبارك التعليق على قرار الإحالة، أوضحت مصادر قضائية ل «الحياة» إن مبارك لا بد من أن يمثل أمام محكمة الجنايات، خصوصاً أنه قيد التحفظ، مشيرة إلى أنه «يمكن إرجاء نظر القضية من دون حضور مبارك في حال تقديم تقرير طبي رسمي بأن حالته الصحية لا تسمح بمثوله أمام المحكمة». وأشارت إلى أن «الاتهامات الموجة إلى مبارك بالقتل العمد والشروع فيه، تصل عقوبتها إلى الإعدام شنقاً». ويعتبر مثول مبارك أو حتى نجليه أمام المحكمة تحدياً أمنياً بالغاً، إذ أن إجراءات تأمين هذه المحاكمة ستكون الأشد في تاريخ مصر الحديث، مع التوقعات باحتشاد عشرات الآلاف أمام المحكمة لمشاهدة رئيسهم السابق أو نجليه يستقلون سيارة الترحيلات مرتدين ملابس السجن البيضاء. وكانت النيابة العامة أجرت تحقيقات مع مبارك على مدى جلسات عدة وأمرت بحبسه، لكن ظروفه الصحية حالت دون نقله إلى السجن وظل راقداً في مستشفى شرم الشيخ. واتهمت النيابة مبارك ب «الاشتراك بطريق الاتفاق مع وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وبعض قيادات الشرطة المحالين على المحاكمة الجنائية، في ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والشروع في قتل بعض المشاركين في التظاهرات السلمية أثناء الثورة». وأسندت التهمة نفسها إلى نجليه علاء وجمال. أما ما يتعلق بوقائع الفساد، فاتهم الثلاثة بالحصول على «عطايا ومنافع» من حسين سالم «مقابل استغلال نفوذه (مبارك) الحقيقي لدى السلطات بأن مكن صديقه رجل الأعمال الفار من الحصول على قرارات تخصيص وتملك مساحات من الأراضي بلغت 4 ملايين متر في المناطق الأكثر تميزاً في مدينة شرم الشيخ السياحية، فضلاً عن... تمكين سالم من الحصول على منافع وأرباح بغير حق تزيد على بليوني دولار بإسناد تصدير الغاز الطبيعي إلى إسرائيل للشركة التي يمثلها».