يتوجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في حضور هو الأول لرئيس أميركي منذ بيل كلينتون منتصف التسعينات، سيحاول خلاله ترميم الجسور مع النخبة الاقتصادية العالمية وتهدئة المخاوف من شعار «أميركا أولاً»، وفي الوقت ذاته المحافظة على شعبويته التي أوصلته إلى الحكم. وتناوب قادة، بمن فيهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل، الصعود على منصة المنتدى أمس للتحذير من «الحمائية» والدفاع عن النظام العالمي الليبرالي الذي هاجمه ترامب على مدى عام، فيما دعت الصين إلى تعزيز التبادل الحر. ولن يتردد ترامب، الذي شاهد من بعيد منتدى دافوس كرجل أعمال ونجم تلفزيوني، ولَم يُدع إليه قبل أن يصبح رئيساً، في تسجيل أهداف في مرمى المشاركين، خصوصاً القيادات الأوروبية والكندية التي سخرت منه خلال الحملة. ففي عام 2014، انتقد المدير السابق لحملة ترامب ستيف بانون المنتدى، وقال إن «العمال حول العالم سئموا من تلقي الأوامر من الحشد في دافوس»، ممهداً لصعود ترامب «الشعبوي» وهجومه على اتفاقات التجارة الحرة والنظام الليبرالي. إلا أن سياسات ترامب المرشّح، اختلفت عن سياساته رئيساً، وسيروق بعضها للمجتمعين، مثل خفض الضريبة على الشركات من 35 إلى 21 في المئة. وسيكون التحدي الأكبر أمام الرئيس الأميركي في خطابه غداً، الموازنة بين جمهوره في دافوس وخارجه. وأوضح نائب مدير الأبحاث في معهد «مجموعة يوراسيا» أندرو بيشوب ل» الحياة» أن ترامب سيخاطب ثلاثة جماهير، «أولاً الحضور في دافوس، وثانياً قاعدته الانتخابية، وثالثاً الرئيس الصيني شي جينبينغ» الذي غاب عن المنتدى. وفي إيجاز للصحافيين، أكد مدير المجلس الاقتصادي في البيت الأبيض غاري كوهن عدم وجود تضارب بين شعار ترامب «أميركا أولاً» وجدول أعمال دافوس، معتبراً أن الرئيس سيدعو المشاركين إلى الاستثمار في الولاياتالمتحدة وأن «أميركا أولاً لا تعني أميركا وحدها». وعشية سفره، وفي غمزٍ لقاعدته الشعبوية، فرض ترامب ضرائب على اللوحات الشمسية والغسالات المستوردة، ومن المتوقع أن يُردد في خطابه غداً بعض شعارات الحملة. إلا أن هذه الإجراءات تُعد «تجميلية»، وفق الكاتب والخبير الجمهوري نووا روثمان، «فهذا كل ما لدى ترامب من سياسات حمائية لقاعدته». وقال ل «الحياة» إن ترامب امتنع عن انتهاج سياسات متشددة معارضة للتجارة الحرة بعدما «اكتشف أنها ستؤذي الأميركيين أكثر مما تنفعهم». وكان الكونغرس وافق أمس على تعيين جيروم باول مديراً للاحتياط الفيديرالي، وهو وجه رأسمالي وعقائدي وغير شعبوي. وقال بيشوب إن نقطة ضعف ترامب في دافوس هي الصين «الدولة الوحيدة في العالم باستراتيجية اقتصادية بعيدة المدى، وما من شيء يمكن أن يفعله ترامب أو يقوله للحاق بها». وإذ توقع مزيداً من شد الحبال بين بكينوواشنطن عام 2018، لفت إلى أن «في الصين أقوى رئيس منذ عقود، فيما لدى أميركا أضعف رئيس في هذا القرن». ويرافق ترامب إلى دافوس وفد ضخم يضم وزراء الاقتصاد والخزانة والتجارة والنقل والطاقة والأمن الداخلي، إلى جانب مستشاريه للأمن القومي وصهره جاريد كوشنر. وسيقضي الرئيس يومين في دافوس قبل العودة إلى واشنطن السبت. وفي دافوس، أشاد مهندس السياسة الاقتصادية الصينية ليو هي بالتبادل الحر الذي أعلنه الرئيس الصيني العام الماضي أمام المنتدى ذاته، وقال: «نرفض كل أشكال الحمائية... الانفتاح أساسي، ليس فقط للصين بل للعالم أجمع»، مشيراً إلى أن بكين «ستتبنى تدابير إضافية» من أجل مزيد من الانفتاح وجعل اقتصادها أقرب من المستثمرين الدوليين، ووعد ب «تدابير ستفوق توقعات العالم». من جانبها، شددت المستشارة الألمانية في خطابها أمام المنتدى على أن «الحمائية ليست الحل المناسب»، وقالت: «نعتقد أن عزل أنفسنا لن يقودنا إلى مستقبل جيد... إذا كنا نظن أن الأمور ليست عادلة، وأن الآليات ليست متبادلة، علينا إيجاد حلول متعددة الأطراف وليست أحادية الجانب». وأضافت أن «الشعبوية بمثابة سم».