أكدت أنقرة أمس سعيها إلى تفادي الاشتباك مع القوات النظامية السورية أو الروسية أو الأميركية في شمال سورية، فيما حذرت واشنطن من «استغلال» تنظيمي «داعش» و «القاعدة» للمعارك، كما ضمت فرنسا صوتها إلى المطالب التي تحضّ تركيا على ضبط النفس. وأعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده تعمل على تفادي «أي اشتباك مع القوات النظامية السورية أو الروسية أو الأميركية خلال عمليتها في شمال سورية ولكنها ستتخذ كل الخطوات اللازمة لضمان أمنها»، في إشارة إلى استمرار العملية العسكرية التي تستهدف المقاتلين الأكراد في عفرين ومحيطها. في المقابل، حذّرت واشنطن من أن المعارك قد تزعزع الاستقرار في منطقة كانت بمنأى نسبياً عن الأزمة السورية». ودعا وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس من العاصمة الإندونيسية جاكارتا، أنقرة إلى «ضبط النفس» في هجومها. وقال ماتيس: «نأخذ على محمل الجد مخاوف تركيا الأمنية المشروعة لكن العنف في عفرين يحدث بلبلة في منطقة كانت حتى الآن مستقرة نسبياً»، مطالباً أنقرة ب «التحلي بضبط النفس في عملياتها العسكرية وكذلك في خطابها والحرص على أن تكون عملياتها محدودة في الحجم والمدة». وحذّر من إمكان «أن يستغل تنظيما داعش والقاعدة ذلك بالطبع لأننا لا نركز عليهما الآن، ما يخاطر بتفاقم الأزمة الإنسانية التي تمر بها معظم أجزاء سورية». وذكّر بأن الوضع في عفرين كان وصل سابقاً إلى «مرحلة تتدفق فيها المساعدات الإنسانية، وكان اللاجئون يعودون لكن الهجوم التركي عطّل تلك الجهود». وزاد الوزير الأميركي: «لدينا خلافاتنا مع تركيا. لكن في الوقت نفسه، من الأفضل بكثير لأنقرة وللأكراد وللسنة أن يكون الأميركيون في وضع يمكنهم من التأثير في الموقف بدلاً من الرئيس السوري بشار الأسد». وكان وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أعرب عن «قلقه» إزاء حملة الجيش التركي في شمال سورية، داعياً الأطراف كافة إلى ضبط النفس. وفي السياق ذاته، أعرب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس، عن قلق بلاده من العملية العسكرية التركية، قائلاً: «أتيحت لي فرصة إبلاغ نظيري التركي بأن هذا الهجوم يقلقنا». ولفت لودريان في تصريحات للصحافيين في باريس إلى أنه «على رغم أننا نتفهم قلق تركيا إزاء أمن الحدود، لا يسعنا سوى أن ندعو أنقرة إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس». وأتت هذه المواقف غداة اجتماع لمجلس الأمن مساء أول من أمس بدعوة عاجلة من باريس بحث في الهجوم على عفرين، لكن لم يصدر عنه إدانة أو أي إعلان مشترك. وفي اختتام جلسة مشاورات عاجلة، أعرب السفير الفرنسي لدى الأممالمتحدة فرانسوا دولاتر عن «قلق عميق حيال الوضع في شمال سورية وسط التصعيد المستمر». كما أشار إلى «الوضع الإنساني المأسوي الناجم عن عمليات النظام السوري وحلفائه»، خصوصاً في إدلب والغوطة الشرقية لدمشق. وأكد دولاتر أنّ «الأولوية هي لوحدة الحلفاء في الحرب ضد داعش»، مشيراً إلى أن عفرين لا تشكّل «سوى أحد عناصر» الأزمة السورية. ولم تصدر تصريحات عن مندوبين آخرين للدول الأعضاء المؤثرة في مجلس الأمن بعد المشاورات التي لم تُشارك فيها المندوبة الأميركية لدى الأممالمتحدة نيكي هايلي بحسب ما أوضح مصدر مطلع. إلى ذلك، طالب مسعود بارزاني رئيس الحزب «الديموقراطي الكردستاني» في العراق في بيان بوقف العمليات العسكرية التركية، «حفاظاً على أرواح المواطنين». وتمنى عدم توسّع الهجوم التركي وألا يسفر عن كوارث ونتائج سيئة»، مشيراً إلى أن «أفضل السبل لحل الأزمات والمشكلات في المنطقة هو السلم». كما دعا نائب الأمين العام لحزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» العراقي كوسرت رسول تركيا إلى إيقاف عملياتها العسكرية في عفرين، لافتاً إلى أن «خطوة الجيش التركي تقلق الجميع». وطالبها «بوقف الهجوم بأسرع وقت، وعدم استهداف المدنيين وجعلهم ضحايا الخلافات السياسية والعسكرية».