أعلن وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون أمس، أن واشنطن تبحث مع أنقرة و «بعض القوى على الأرض» في كيفية إرساء «المنطقة الآمنة»، التي أعلنت الحكومة التركية عزمها على إنشائها بعمق 30 كيلومتراً داخل سورية. ونقلت وسائل إعلام أميركية عن تيلرسون قوله إن بلاده «تسعى إلى تحقيق الاستقرار والاستجابة لمخاوف تركيا الأمنية المشروعة». وتقدمت موسكو خطوة جديدة في إعلان تأييد ضمني العملية العسكرية التركية في سورية، فيما أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن عملية «غصن الزيتون» ستمضي نحو تحقيق الأهداف المنسقة مع الروس، وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها أرودغان علناً عن اتفاق بين أنقرةوموسكو على العملية. أتى ذلك فيما أجرى وفد المعارضة السورية محادثات في موسكو حول حضوره مؤتمر «سوتشي» نهاية الشهر الجاري. وأصيب 21 مدنياً بينهم أطفال أمس بعوارض اختناق وضيق تنفس، فيما واجهت قوات النظام اتهامات بقصف مدينة دوما المحاصرة شرق دمشق بغاز الكلور، ورجحت مصادر طبية أن تكون العوارض ناجمةً عن غازات سامة احتوتها الصواريخ. وفي دعم روسي غير مباشر للعملية التركية في عفرين، شنّ وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف هجوماً لاذعاً على الولاياتالمتحدة واتهمها بدعم انفصاليين في سورية عبر تأييد إقامة «هياكل سلطة بديلة» والتحضير للسيطرة على المناطق الحدودية الشمالية. واعتبر أن واشنطن تحاول عرقلة حوار الأكراد مع دمشق، وتشجع الميول الانفصالية، وتتجاهل الطابع الحساس والأبعاد الإقليمية للقضية الكردية. وأوضح لافروف خلال استقباله وفد «هيئة التفاوض» في موسكو أمس، أن هدف مؤتمر سوتشي هو «مساندة المفاوضات» السورية، مشيراً إلى أن موسكو تدعم «جميع الجهود للتسوية السياسية، استناداً إلى قرار مجلس الأمن الرقم 2254». وشدّد رئيس الوفد نصر الحريري على أن المعارضة «لن تكون طرفاً معرقلاً في المفاوضات السورية»، لافتاً إلى أن «البيانات الرافضة سوتشي هي نتيجة غموض في جنيف». وأضاف أن «قرار مشاركة المعارضة في مؤتمر سوتشي سيُتخذ بعد سماع المقترحات ومناقشتها مع الشركاء». وفي إشارة جديدة إلى امتداد التفاهمات الروسية- التركية على المستويين السياسي والعسكري الميداني، نفى أمس ممثل الحركة الكردية لدى روسيا رودي عثمان أن يكون المكوّن الكردي تلقى دعوة إلى حضور «سوتشي». وكان لافروف شدّد أمس على ضرورة مشاركة الأكراد في عملية التسوية، وقال إن ممثلين عن الأكراد أُدرجوا على لوائح المدعوين. وخلافاً للتأكيدات الروسية، قال عثمان: «لا نعلم من دُعي إلى سوتشي، لكن الأكيد أننا لم نتلقَ دعوة ولن نحضر». وزاد أن «المكوّن الكردي كان رحّب في البداية بإطلاق تسمية (الشعوب السورية) على المؤتمر الروسي، لكن بعد اعتراض تركيا تم تغيير التسمية، ونحن الآن في مواجهة حرب، وتركيا لم تعد ضامناً، ولا يمكن أن نجلس مع ممثليها على طاولة واحدة». ميدانياً، واصلت القوات التركية بالتعاون مع فصائل «الجيش السوري الحر» العملية العسكرية شمال البلاد، وباشرت أمس هجوماً برياً في اتجاه عفرين انطلاقاً من مدينة أعزاز في ريف حلب، فيما قصفت المدفعية بكثافة مواقع «وحدات حماية الشعب» الكردية. وأسفرت المعارك المستمرة منذ أربعة أيام في منطقة عفرين عن مقتل 54 عنصراً من فصائل المعارضة القريبة من أنقرة والمقاتلين الأكراد، وفق حصيلة «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وقبل ساعات من عقد مجلس الأمن جلسة طارئة بطلب فرنسي لمناقشة التطورات، انتقدت تركياوروسيا الدعوة الفرنسية، إذ اعتبرت تركيا أن في ذلك «مساندة للإرهابيين»، فيما وصفت روسيا الجلسة بأنها «مقلقة»، واتهمت الدول الغربية بمحاولة إثارة ضجة حول الوضع في الغوطة الشرقية وإدلب، بينما تتجاهل التحركات العسكرية للجماعات المقربة من «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) في مناطق أخرى. وفي تطوّر ميداني لافت، تجدّدت الاشتباكات بين القوات النظامية وفصائل المعارضة في محيط مطار أبو الضهور العسكري في ريف إدلب الشرقي، بعد أكثر من 48 ساعة من إعلان دمشق السيطرة عليه. وأفاد «المرصد السوري» بأن الفصائل حققت تقدماً في أطراف المطار الغربية والجنوبية الغربية، وتسعى إلى محاصرة القوات النظامية داخله أو إجبارها على الانسحاب منه. وأشار إلى أن الاشتباكات العنيفة أدّت إلى مقتل 24 عنصراً على الأقل من القوات النظامية.