أعلنت أنقرة «عدم رضاها» عن بيان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وتصريحات وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون والتي أوضحت واشنطن من خلالها أنها لا تسعى إلى إنشاء «جيش كردي» في شمال سورية. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس، إن المواقف الأميركية التوضيحية «لم تكن مقنعة»، معتبراً في تصريح إلى قناة «سي أن أن تورك» أن الولاياتالمتحدة ذكرت سابقاً إن علاقاتها بالوحدات الكردية ستنتهي بعد هزيمة «داعش» في الرقة وستوقف دعمها، لكن ذلك لم يتحقق. وشدد على أن بلاده تحتاج إلى خطوات ملموسة من واشنطن لإنهاء تعاونها مع «المجموعات الإرهابية». وأكد أوغلو «ضرورة التنسيق مع روسيا التي ينتشر جنودها كمراقبين في عفرين، بهدف تفادي أي حادث محتمل»، داعياً موسكو إلى عدم الاعتراض على عملية بلاده العسكرية المتوقعة في المنطقة، كما طالب ضرورة وقف تقدم القوات النظامية السورية في إدلب. وأكد جاويش أوغلو أن «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي لن يشارك في «مؤتمر الحوار السوري» المتوقع عقده في 29 الشهر الجاري في سوتشي، معتبراً أن «الجماعات الكردية الأخرى منزعجة من الحزب، كما أن عدداً كبيراً من الجماعات الكردية لا تتبنى أفكاره». وأوضح في المقابل أن «جماعات كردية ستشارك في المؤتمر لتمثيل الأكراد»، مؤكداً أن «تركياوروسيا وإيران ستتوافق على الجهات التي ستشارك فيه». من جانبه، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم خلال لقاء مع مديري أمن الولايات التركية في أنقرة أمس، أن بلاده «لن تسمح أبداً بتشكيل جيش إرهابي» على حدودها. وأضاف: «سنتخذ كافة التدابير فوراً ومن دون هوادة، من أجل حماية أمن حدودنا وسلامة أرواح وممتلكات شعبنا، بما يتوافق مع القانون الدولي». وأشار يلدريم إلى ما وصفها ب «البيانات الأميركية المتناقضة خلال الأيام الأخيرة، ما يدل على ارتباك في موقف واشنطن». ورأى أن «ممارسات الولاياتالمتحدة في سورية مخالفة لعلاقات التحالف، على رغم أنها حليفتنا في حلف شمال الأطلسي». وانتقدت أنقرة بشدة إعلان التحالف الدولي بقيادة واشنطن الإثنين الماضي، عزمه تشكيل قوة أمنية حدودية قوامها 30 ألف عنصر تقودها «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) التي تعتبرها تركيا «إرهابية». وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكد أنه ينوي «وأد» القوة الحدودية، مشيراً إلى أن عملية عسكرية ستُشنّ «في أي لحظة» ضد معاقل وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين ومنبج، شمال سورية، فيما أعلن مجلس الأمن القومي التركي مساء أول من أمس أن أنقرة لن تسمح بتشكيل «جيش إرهابي» على حدودها. وفي السياق ذاته، زار رئيس أركان الجيش التركي خلوصي آكار ورئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان أمس موسكو، حيث بحثا مع قائد الجيش الروسي فاليري غيراسيموف الوضع في سورية، إضافة إلى مسارَي مفاوضات آستانة وجنيف واللذين يهدفان إلى إيجاد حلّ للأزمة السورية. وفي بادرة تهدئة تجاه تركيا، أكد البنتاغون أن واشنطن لا تعتزم إنشاء «جيش كردي جديد»، لكنه ذكر»الولاياتالمتحدة تواصل تدريب قوات أمن محلية في سورية، إلا أن الأمر لا يتعلق بجيش جديد أو بقوة حرس حدود». وأوضح أن هذه «القوات الأمنية تركز على الأمن الداخلي بهدف منع مقاتلي تنظيم داعش من مغادرة سورية، وتحسين الأمن في المناطق المحررة». وأشار البنتاغون إلى أن «داعش لم يعد إلى أراضٍ خسرها ولدينا النية كي يستمر هذا الوضع». ورأى أن «مخاوف أنقرة مشروعة»، مضيفاً: «سنبقى شفافين تماماً مع تركيا في ما يتعلق بجهودنا من أجل هزيمة داعش، وسنواصل التزامنا حيال شريكتنا في حلف شمال الأطلسي وجهودها ضد الإرهاب». ونفى تيلرسون من جهته وجود نية أميركية بإنشاء قوة على الحدود، معتبراً أن «هذه المسألة أُسيء طرحها». وأعرب عن أسفه ل «بعض التصريحات التي أدت إلى هذا الانطباع»، قائلاً إن المسؤولين الأتراك «اطّلعوا على النيات الأميركية لتوفير عناصر أمنية في المناطق المحررة». وتمكنت «قسد»، بقيادة مكوّنها الرئيس «الوحدات»، من طرد «داعش» من مناطق واسعة شمال شرقي سورية، بدعم من غارات التحالف الذي أمدّها أيضا بالسلاح. ويسيطر عناصر «قسد» من الأكراد والعرب حالياً على مناطق تحاذي تركيا شمالاً والعراق شرقاً، كما تحاذي مناطق سيطرة القوات النظامية السورية غرباً. ولفت إلى أن تركيا تدافع دائماً عن وحدة الأراضي السورية، وهي تُجري في هذا الإطار، محادثات مع روسيا وإيران في شأن استخدام المجال الجوي خلال العملية المرتقبة. وأضاف الوزير التركي: «علينا أن ننسّق معاً في شأن التدخل الجوي، مثلما فعلنا في تأسيس نقاط المراقبة في إدلب، ضمن اتفاق آستانة».