لا تقف الآثار السلبية الناجمة عن زيارة الرقاة «الشرعيين» عند حدود الخسائر المادية، وإنما تتعداها إلى أمور أكثر خطورة، فالثقة التي يمنحها الأهل لهؤلاء الأشخاص ربما تؤدي إلى «التهلكة»، وربما تصل لحد الوفاة. وهذا ما حدث قبل نحو عامين للرضيعة «شادن» ذات الأشهر العشرين في مدينة الخبر، التي قاد تصديق والدتها أحد الرقاة إلى حرقها بغرض تخليصها من الجن الذين يتلبسونها، اذ هزت القضية المجتمع السعودي، وفتحت منافذ الجهات الرسمية للبدء في حملة كبيرة لبث الوعي، والحد من تلك الحالات. حكاية الرضيعة «شادن» أيقظت حكايات عدة، وكشفت عن ملابسات تحدث من دون أن تعلن؛ فإحدى الأمهات تكشف ل«الحياة» حادثة وقعت لابنتها شملت الكي والضرب، بعد أن توجهت بها إلى أحد الرقاة الشرعيين، الذي أكد للأم أن طفلتها تعاني من السحر، الذي قد ينهي حياتها في حال استمراره في جسدها، تقول الأم: «بدأنا في مشوار خيل إلينا انه بلا نهاية، فالبنت تعرضت للعديد من المآسي، لدرجة أننا كنا أحياناً نضطر إلى النوم في بيت الشيخ، وحالنا حال العديد من المراجعين له، فالتكدس يملأ المكان، والحكايات عدة لا حصر لها، والمراجعون ينامون على الأرض، وملامح التعب والإعياء واضحة عليهم». مضيفة: «طفلتي بدأت تعاني من تشنجات، ونوبات أشبه بالصرع فلم يبق طب ولا دواء إلا ولجأت إليه، من دون جدوى؛ وأخيراً وبنصائح من مقربين، توجهت إلى بوابة الرقية الشرعية، وتوقعت أن تشهد الطفلة تحسناً، إلا أن الأمور زادت سوءاً، إلى أن أصيبت الطفلة بحالة إغماء نتيجة للضرب المستمر، وإعطائها خلطات وأعشاباً لم تلائم حداثة سنها». وتختلف الحكايات عن بعضها، إلا أن محتواها متشابه هو «استغلال مدعي الرقية الشرعية لضحيته»، حكاية نورة سالم (25 عاماً) تكشف النقاب عن غياب الرقابة، وكيفية انتشار تلك الظاهرة تقول: «الوهم قد تسفر عنه أمراض نفسية عدة، لدرجة أن الشخص يعرض نفسه للخطر، معتقداً انه يتخلص من المرض الذي في داخله، توجهت إلى شيخ بدأ بقراءة القرآن الكريم وبعض التعويذات، وبدأ بإعطائي الماء المقروء عليه بآيات وكلمات غير مفهومة، إلى أن لجأ إلى أسلوب الكي، وبدأت تساورني الشكوك والمخاوف، ناهيك عن نزف الأموال التي يطلبها من دون خشية أو أي اعتبار، عندها توقفت، ولكن بعد أن شوه جسدي بالكي، ومبالغ طائلة أخذها». وتضيف: «المخفي أعظم، فالعديد من الحالات تتعرض للعنف من الرقاة الشرعيين، بحجة إخراج المس والجن والسحر»، مضيفة: «أصبح الجميع يشعوذ، إضافة إلى أن الفضائيات تشجع على التوجه إلى الرقاة الشرعيين وممن يدعون ذلك». وتضيف: «أؤيد ما ذهب إليه باحثون اجتماعون ومهتمون بقضايا حقوق الانسان بالمطالبة بضرورة توثيق الرقية الشرعية، وعدم التسيب تجاهها، خوفاً من تفشي المشكلات في المجتمع، وأن المسؤولية ملقاة على عاتق وزارتي الشؤون الإسلامية والعدل».