خمس سنوات مرت على زواج مها، سعت خلالها إلى الحفاظ على ذلك «الرباط المقدس». وتقر أنها بعد ان أصيبت باليأس كانت وجهتها إلى «المشعوذين»، الذين طرقت بابهم مرتين وتقول مها: «كان زوجي سريع الغضب من أمور لا تستدعي غضبه، وكان يخرج من المنزل باسماً، ليعود وفي رأسه أن يصرخ ويشتم، وفي أوقات أخرى يعاملني بأحسن ما يكون، فاحترت في كيفية التعامل معه. إلى أن نصحتني إحدى صديقاتي بالتوجه لأحد المشايخ، الذي أفاد بأنني وزوجي «مسحوران»، وهذا سبب تصرفاته، وسبب عدم احتمالي له». طلب «الشيخ» من مها بداية، ألفي ريال، إلا أن «الأوضاع لم تتغير» بحسب قولها، مضيفة «قمت بالاتصال به، وأبلغته بأنني وزوجي بحاجة إلى تحصين، كي لا يؤثر فينا السحر، فطلب مقابل ذلك خمسة آلاف ريال، وبالفعل سلمته المبلغ. ولم يتغير أي شيء، لأعلم في النهاية أن سبب المشكلات يعود إلى أهله، وضعف شخصيته أمامهم، وتأثيرهم الكبير عليه، إذ أننا نسكن في شقة منفصلة في المنزل ذاته. وقد تبدلت الأمور بعد انتقالنا من منزلهم إلى آخر مستقل». ولأم حسن حكاية أخرى، فالطب أكد أنها مصابة ب «اكتئاب ما بعد الولادة»، لكن أحد المشعوذين الذي لجأت إليه، رفض هذا التشخيص. وتقول: «بعد كل ولادة أصاب بالاكتئاب، فلا أطيق الكلام، أو الحركة، وحتى الاهتمام بالمولود. وتركت المسؤولية لأخواتي، اللواتي كن يقمن بكل شيء نيابة عني في المنزل. إلا أن الاكتئاب كان يزول بعد فترة من الولادة وتعاطي الأدوية التي يكتبها لي الطبيب النفسي». إلا أن الولادة الأخيرة لأم حسن، كانت «مختلفة». وتقول: «استمر الاكتئاب لفترة طويلة، وزال بعد شهر، وعاد بعد ذلك واستمر ستة أشهر، كان خلالها كل من حولي ينصحونني بالتوجه إلى «الشيوخ». وأشاروا علي بشيخ في إحدى الدول العربية، واتصلت به، فسألني عن اسمي واسم أمي. وأشار إلى ان الجن سبب ما أنا فيه، إضافة إلى العمل المكتوب لي. وطلب مني في البداية، ألف ريال، ليكون العلاج كاملاً. وبالفعل تمت عملية تحويل المبلغ. ولكن لم تتحسن حالي، وأعدت الاتصال به، فذكر بأن المواد التي يستعين بها لفك السحر وصرف الجن، نفدت، وأرسلت له ألف أخرى. ولكن لم يتغير شيء. وما أثار دهشتنا هو عند الاتصال الأخير به، قال إن الجن المتلبس في جسدي ومسيطر على عقلي، جن مستعص، وبحاجة إلى مبلغ أكبر، لم نستطع دفعه، إلا إنني في النهاية لجأت إلى الرقية الشرعية لدى أحد الشيوخ، الذي نصحني بقراءة آيات وأدعية معينة، وعلمها لإحدى أخواتي، لتقرأها علي، مؤكداً أن حالي سببها الحسد. وأصبحت بعدها في أفضل حال، إضافة إلى مداومتي على العلاج النفسي لدى طبيب مختص». بدوره، دعا مستشار قانوني واختصاصي نفسي، إلى وضع ضوابط تحول دون تحول «الرقاة الشرعيين» إلى «سحرة مشعوذين»، مشيرين إلى أن وسائل الاتصال الحديثة، ساهمت في زيادة بروز هذه الظاهرة، بدل ان تساهم في القضاء عليها. وعزا المستشار القانوني خالد الشهراني، اللجوء إلى السحرة والمشعوذين، إلى «ضعف الوازع الديني، وقلة الوعي». وقال ل»الحياة»: «إن الغالبية العظمى من المترددين على المشعوذين هم من النساء»، مستدركاً أنه «على رغم أنهن يتوجهن إليهم بكامل إرادتهن، ويحدث لهن ما يحدث، إلا إنهن يعتبرن ضحايا، باعتبار حسن النية والرغبة في الخلاص من أوضاع معينة». وأوضح الشهراني، ان الشعوذة «مرتبطة بجرائم أخرى مشتركة، منها أكل أموال الناس بالباطل، وارتكاب أعمال محرمة، والخلوة غير الشرعية، وفي النهاية الردة عن الإسلام»، مضيفاً ان «حد المشعوذ في الإسلام هو ضرب عنقه بالسيف، باعتباره مرتداً، تسبب في ضرر كبير للمجتمع بشكل عام، والمتضررين خصوصاً». وطالب بتحديد ضوابط للرقاة الشرعيين، بإشراف وزارة الشؤون الإسلامية، التي «تعطي الرقاة الشرعيين، تراخيص لمزاولة العمل، بحكم انه أمر يدخل في العقيدة»، مشيراً إلى أن تنامي الترويج لأعمال السحر والشعوذة، من خلال «ملصقات في الشوارع، إذ يقوم بعض الرقاة بالإعلان عن أنفسهم، ووضع أرقام الهواتف التي يستقبلون من طريقها الاستشارات».