في فيلم «السائح» (بطولة أنجيلينا جولي وجوني ديب - 2010)، تفرّ جولي إلى قطار يعبر دولاً أوروبية. وتصادف رجلاً يُدخّن سجائر إلكترونية، باعتبار أنها عديمة الخطر على حياته. تنعقد علاقة متشابكة بينهما، ولكنها تعيّره بأنه رجل لا يتحكّم بحياته، لأنه يستعمل أداة مفروضة عليه هي السيجارة الإلكترونية. ويقدم الفيلم هذه الأداة، على غرار ما تفعل كثير من الإعلانات عنها، باعتبارها وسيلة تساعد على الإقلاع عن تدخين سجائر التبغ، ما يعني أيضاً أنها مفيدة صحياً. ويبدو أن للجامعة الأميركية في بيروت رأياً آخر في هذا الشأن، إذ استضافت أخيراً الباحث الأميركي توماس إيسنبرغ، وهو أستاذ علم النفس في «جامعة كومنولث» في ولاية فيرجينيا وأحد كبار الباحثين في آثار النيكوتين والقطران على السلوك البشري. وألقى إيسنبرغ محاضرة بعنوان: «السجائر الإلكترونية: جهاز خطير لإيصال المخدّرات أم علاج لإنقاذ الحياة»؟ واستهل المحاضر كلامه بالإشارة إلى أن هذه الأداة صممت لتقديم النيكوتين، من دون المسرطنات المرتبطة بالتبغ. وأوضح إيسنبرغ أن تأثير السجائر الإلكترونية ما زال مجهولاً، وإن المواد الموجودة فيها لم يجر رصدها ولا تنظيمها، ما يعني أن آثارها غير مفهومة علمياً. والمعروف أن السجائر الإلكترونية دخلت إلى الأسواق العالمية عام 2004، وهي أجهزة تدخين تعمل بالبطارية. وغالباً ما يجري تسويقها كبديل صحي لتدخين سجائر التبغ. وتعمل معظم السجائر الإلكترونية عِبر تسخين سائل يتألف من البروبيلين غليكول والنيكوتين، إضافة إلى بعض المنكّهات. واستعاد إيسنبرغ عن دراسة أشرف عليها «مكتب الغذاء والدواء» الأميركي في 2009، أن مستويات النيكوتين الفعلي لا تتفق مع ما يعرض على علب السجائر الإلكترونية. وإشار إلى أن هذه العلب لا تتضمن تحذيرات صحية، على رغم تفاوت مستوى النيكوتين بين أنواع السجائر الإلكترونية. والمعروف أن النيكوتين يمكن أن يكون قاتلاً إذا أخذ في جرعات عالية. وكُشف وجود بعض العناصر المسبّبة للسرطان في ماركات معينة من السجائر الإلكترونية، ما دفع خبراء الصحة العامة إلى إصدار تحذيرات متنوعة للجمهور. وأشار إيسنبرغ إلى غياب الدراسات عن أخطار البروبيلين غليكول، وعن قدرة هذه الأجهزة على إجتذاب غير المدخنين لهذه العادة، ما يعني إمكان تحولهم مدخنين حقيقيين. وقال: «إلى أن نعرف أكثر من ذلك، يشكّل تسويق السجائر الإلكترونية تجربة غير منضبطة، ونتائجها غير معروفة». وتتمحوّر بحوث إيسنبرغ على تأثير الأدوية السلوكي على تعاطي المخدرات، مع التركيز بشكل شبه حصري على النيكوتين والتبغ. ويشمل عمله الذي تموّله «معاهد الصحة الوطنية» الأميركية، تطوير وسائل لتقويم إمكان خفض تعرّض المدخّنين للمنتجات التبغية، وفهم المعارف والمعتقدات والمواقف المرتبطة بتدخين النارجيلة. ويجري إيسنبرغ بحوثاً على النارجيلة في الولاياتالمتحدة والأردن ولبنان وسورية.