أصبح معلوماً لدى الكثيرين ما يسببه تعاطي التبغ، حيث يُعد المسؤول عن واحدة من بين كل عشر حالات من الوفيات في العالم، وما يزال السبب الرئيسي للوفيات التي يمكن الوقاية منها. وكلما ازدادت الجهود المبذولة من منظمات الصحة عالمياً للتوعية بهذه المخاطر، كانت هناك جهود أكبر من شركات التبغ للترويج لمنتجاتها والتسويق لها بطرق مبتكرة أكثر. قد يكون أحد أهم الدوافع للإقلاع عن التدخين هو المخاوف الصحية لدى المدخنين، وازدياد الوعي لديهم بالآثار الصحية لاستخدامهم إحدى منتجات التبغ. لذا قامت شركات التبغ باستغلال مثل هذا الدافع في إطلاق أنواع متعددة من علب السجائر، بعبارات مُضللة (معتدلة)، ( خفيفة )، ( خفيفة جداً ) ، ( ذهبي )... وغيرها، مع تدرج في درجة اللون ودلالة الرقم على القوة، وتركيز القطران. وقد يلجأ المستهلك إلى استخدام السجائر خفيفة القطران، عوضاً عن الإقلاع..! وفي دراسة أجراها دافيد هاموند وكارلا باركنسون من جامعة واترلو بكندا حول تأثير تصميم علب السجائر، ألوانها، والعبارات المدونة عليها على اعتقاداتهم حول مذاقها، شدتها، وتأثيرها على الصحة، وجد أن حوالي ربع المدخنين يعتقدون أن السجائر ذات المذاق المخفف تحتوي على كمية قطران ونيكوتين أقل، كما تشير الدراسة إلى أن أكثر من النصف يعتقدون أن السجائر القوية، كاملة النكهة هي الأسوأ للصحة، وفي مقارنة بين علب ذات المنتج الموسومة بالرقم 6 أو 10 وجد أن 90% من العينة يعتقدون أن العلبة التي تحمل رقم 6 هي أقل قطران، وأخف طعم، وأقل مخاطر صحية، 83% قالوا بأن السجائر في علبة فاتحة تحتوي على كمية قطران أقل من تلك الموجودة في علبة مشابهة أغمق لوناً، كما يؤثر درجة لون الشعار المستخدم حيث يرى 71% من العينة أن وجود الشعار الأبيض عوضاً عن تدرجات الرمادي أو الأسود يعطي دلالة على أن علبة السجائر ذات الشعار الأبيض أقل مخاطراً صحية وأخف كمية قطران، حيث يرتبط الأبيض بالنقاء. حقيقة الوهم..! وعلى الرغم من شعور المدخن بأن السجائر الخفيفة، أخف وقعاً على الحلق والصدر فإن ربط ذلك بكونها فعلاً أخف ضرراً لا يمت للواقع بصلة. وعلمياً، أثبتت الدراسات أن لكل أنواع السجائر تأثيراً سلبياً على صحة المدخن، حيث خلصت أبحاث المعهد الأمريكي للسرطان إلى أن الأشخاص الذين تحولوا من السجائر العادية إلى الخفيفة قد استنشقوا نفس كمية النيكوتين والقطران والمواد الضارة الموجودة في السجائر العادية مما يعرضهم لنفس الأخطار، كما أن مدخني هذا النوع من السجائر يعوضون نقص النيكوتين والقطران بأخذ أنفاس أكبر. كما أن الألوان والدلالات الرقمية، ما هي إلا تأثيرات ترويجية للعلب، تتلاعب فيها مصانع التبغ للحد من التنبيهات الصحية وتشجيع الاعتقاد الخاطئ بأن بعض الأصناف أقل خطراً من بعضها الآخر. حيث تستخدم تلك المصانع صوراً وألواناً لأسماء الأصناف لصرف الانتباه عن التنبيهات الصحية. لا بل أن بعض الأصناف تشمل ألوان التنبيهات الصحية ضمن تصميم العلبة مما يجعل التنبيهات تضيع في تصميم العلبة الكلي وتفقد بروزها. ختاماً.. لا يوجد ما يسمى بسيجارة آمنة، أو خفيفة.. والطريقة الوحيدة للتخلص من المشاكل الصحية المرتبطة بالتدخين هي ( الإقلاع ). * وزارة الصحة – برنامج مكافحة التدخين