تخصيص 2868 موقعا للبيئة والمياه والزراعة    واشنطن: خطة إنهاء حرب أوكرانيا ليست قائمة أمنيات روسية    تحرك أميركي وشيك ضد فنزويلا    حول العالم    الشحن السريع لا يضر البطارية    روبوت صيني بقدرات بشرية    دوري يلو 9.. أبها يخطف الصدارة.. العلا والدرعية يتعثران    جيسوس: لا يوجد مدرب لا يخسر    دونيس ينتقد التحكيم في مواجهته مع النصر    الأمن البيئي يتأهل لنهائي بطولة وزارة الداخلية لكرة القدم    نيوم يوقف سلسلة انتصارات التعاون في الدوري السعودي بتعادل مثير    أتلتيكو مدريد يهزم خيتافي بالنيران الصديقة في الدوري الإسباني    وزارة الثقافة تحصد جائزة أفضل مشروع ثقافي في المملكة    العيد يستعيد دور التلفزيون والإذاعة في تشكيل الوعي السعودي    افتتاح متحف التاريخ الطبيعي في أبوظبي    117 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الأولى    قهوة الصراصير والنمل تجتاح الصين    الكبد الدهني يضاعف خطر الوفاة    معوقات إدارة الجودة الشاملة    الحوكمة في الشركات والقطاع العام: ماذا نخسر بدونها    الزيارة العابرة للزمن    انتخاب وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيسًا للدورة ال21 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية UNIDO    مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بجازان المهندس أحمد بن محمد ال مجثل يلتقي بموظفي الفرع    وزير الخارجية: نواصل العمل مع G20 لتعزيز منظومة اقتصادية أكثر شمولا    تحت رعاية ولي العهد .. وزير العدل يفتتح المؤتمر العدلي الدولي الثاني    فريق طبي بمستشفى جازان العام ينجح في علاج حديث ولادة يعاني من تشوّه خلقي رئوي كبير    أمير جازان يطّلع على برامج ومبادرات جمعية التغذية العلاجية بالمنطقة    وزير العدل: نعمل على انتقال البورصة العقارية إلى هيئة العقار    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    أمانة القصيم تودّع سيتي سكيب بعقود استثمارية ب 45 مليون ريال    نيابةً عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في جلسة اليوم الثاني لقمة مجموعة العشرين    نائب أمير حائل يستقبل نائب الرئيس التنفيذي للمؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام "إخاء"    أمير نجران يستقبل القنصل العام لجمهورية فرنسا    أمير الرياض يستقبل مدير عام السجون المكلف    قنصل عام فرنسا بجدة يستضيف خريجي الجامعات الفرنسية في أمسية مميزة ب«دار فرنسا»    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد أول ظهور للنسر الأبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاما    افتتاح متحف البحر الأحمر بجدة التاريخية في 6 ديسمبر    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة عسير تقبض على شخص لترويجه (23) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    منديل كشافة شباب مكة على صدور المديرس وهجاد وعمر    وسط ضغوط أمريكية وأوروبية.. جنيف تحتضن محادثات سلام أوكرانيا    دكتورة سعودية ضمن القادة العالميين المؤثرين    في الجولة ال 12 من الدوري الإنجليزي.. ديربي لندني مرتقب يجمع آرسنال وتوتنهام    موجز    هنأت الرئيس اللبناني بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة إبراهيم بن حمد    أحمد أمين يصور«النص 2» مطلع ديسمبر    «وسم الثقافي» يكرم الشاعر أبو زيد    الإسكندراني يستعرض تاريخ الأغنية السعودية    القيادة تعزي ملك مملكة البحرين في وفاة سمو الشيخ إبراهيم بن حمد بن عبدالله آل خليفة    البرهان: شكراً محمد بن سلمان.. شكراً ترمب.. الرياض تفتح أبواب السلام بالسودان    الداخلية: إهمال الطفل يعرضك للمساءلة القانونية    العقيل يحتفل بعقد قران عبدالله    عريس يشارك فرحته مع المحتاجين    ملصقات العقوبات في مرافق الصحة.. مخالفة    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نزاعات المياه في أفريقيا تتفاقم مع تغير المناخ
نشر في الحياة يوم 04 - 01 - 2018

ليس بعيداً من مدينة تمبكتو التاريخية، يعيش مربي المواشي كيدان مع زوجته وابنته بسلام، منعزلين عن المدينة التي تسيطر عليها إحدى الجماعات المتطرفة. إلا أن هذه العزلة تنتهي مع قيام صياد بقتل إحدى أبقار كيدان بسبب تخريبها شِباك الصيد أثناء شربها من نهر النيجر. يندفع كيدان إلى مقارعة الصياد وتلقينه درساً حول حق الجميع باستغلال المياه، فينتهي الصدام بموت الأخير عن غير قصد، ويصبح الراعي وأسرته عرضةً للمطاردة.
هذا النزاع المفترض حول المياه، جعله المخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو حدثاً مفصلياً في فيلمه المتميّز «تمبكتو». ولا يبتعد سيساكو في فيلمه عن الأحداث المتكررة التي تشهدها العديد من الدول الأفريقية بسبب الخلاف على حقوق المياه، أكانت تلك الأحداث بين المجتمعات المحلية المتنافرة أم بين الدول المتجاورة المتشاطئة.
معهد «أتلانتيك»، وهو مؤسسة بحثية تعمل على دراسة قضايا المياه العذبة، يحتفظ بقاعدة بيانات تغطي 5 آلاف سنة من تاريخ النزاعات المتعلقة بالمياه. وتضم قاعدة البيانات 400 سجل لنزاعات مائية كبيرة جرت حول العالم، من بينها 94 نزاعاً سُجّلت في أفريقيا اعتباراً من سنة 1898 عندما وقعت حادثة فاشودة في ذروة التنافس الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا على منابع النيل الأبيض، وكادت الحرب تنشب بين البلدين لولا تسوية المشكلة بفضل الجهود الدبلوماسية.
ويقسّم المعهد طبيعة النزاعات المائية في أفريقيا إلى عدة أشكال، أهمها الخلاف على المسائل التنموية والمعيشية، والنزاع العسكري لتحقيق أغراض سياسية، والهجمات الإرهابية على المصادر المائية. وعلى رغم تعدّد أشكال النزاعات، إلا أن أغلبها (71 في المئة) يرتبط بالتنمية والمعيشة، كالنزاعات بين المزارعين والرعاة على الأراضي والوصول إلى الأنهار والبحيرات والمشاريع التنموية التي تهدد حقوق الآخرين وتنطوي على سوء إدارة للموارد المائية.
يأتي نحو 85 في المئة من موارد المياه في أفريقيا من الأحواض النهرية الكبيرة التي تتقاسمها عدة دول، مثل حوض النيل الذي يشهد حالياً خلافاً كبيراً بين مصر وإثيوبيا والسودان يتعلق ببناء سد النهضة وتقاسم مياه نهر النيل. وسبق لمجلة «البيئة والتنمية» أن تناولت هذا الخلاف في موضوع الغلاف لعدد تموز (يوليو) 2017.
أما أخطر النزاعات بين الدول الأفريقية بسبب المياه فكانت الحرب الموريتانية- السنغالية بين عامي 1989 و1991، وأودت ب24 ألف شخص. فإلى جانب عوامل الخلاف السياسية والثقافية بين البلدين، كانت الحرب حصيلة تعاقب أحداث، من بينها مشروع استغلال نهر السنغال الذي دخل حيز التنفيذ بعد إنشاء سدّي دياما في السنغال ومانانتالي في مالي، وما تبع ذلك من تعارض في المصالح بين رعاة الإبل في موريتانيا والمزارعين في السنغال، فاقمه التنافس بين البلدين على زراعة أكبر مساحة ممكنة من الأراضي.
ومع أن الحرب انتهت بتوقيع اتفاق لتقاسم المياه بين موريتانيا والسنغال، إلا أن المشاريع التي تنفذها السنغال لاستغلال مياه النهر، وتشابك مصالح البلدين، وتداخلهما السكاني والعرقي، تجعل من مسألة المياه عامل ضغط مستمر على موريتانيا، التي تعتبر نهر السنغال أهم مصادرها المائية.
المياه بين إثيوبيا وكينيا
أما الاضطرابات الداخلية بسبب المياه بين القبائل والمجتمعات المحلية الأفريقية، فهي أكثر من أن تُحصى. وقد رصدت دراسة حول العلاقة بين الجفاف وأعمال الشغب، أعدها أخيراً باحثون من جامعات ألمانية وسويسرية ونشرتها دورية «الاقتصاد والإدارة البيئية»، 1800 حالة نزاع بين عامي 1990 و2011 كان لها صلة بالجفاف والخلاف على المياه.
ومن النتائج اللافتة التي كشفتها الدراسة أن الجفاف يضاعف مخاطر النزاع عندما تتشارك مجموعات عرقية مختلفة مصدر المياه ذاته، أو عندما تكون المجتمعات بعيدة عن مصادر المياه من بحيرات وأنهار.
وعام 2016، تسبّب الانتقال الموسمي للرعاة مع مواشيهم عبر الأراضي الزراعية بهدف الوصول إلى المصادر المائية في وفاة 70 شخصاً في إقليم دارفور غرب السودان. وفي كينيا، أدى نزاع بين رعاة متنقلين من قبيلة أورما ومزارعين من قبيلة بوكومو يعيشون على طول نهر تانا إلى مقتل أكثر من مئة شخص سنة 2012. ويُعَدّ الوصول إلى المصادر المائية ومحدودية الأراضي الخصبة وفقدان المراعي من أبرز أسباب النزاعات العرقية في كينيا.
ومن ناحية أخرى، تعتبر أفريقيا جنوب الصحراء هشّة كثيراً تجاه الظروف المناخية الجافة غير المعتادة، ذلك أن 95 في المئة من غلالها هي حصيلة زراعات بعلية تعتمد على الأمطار. كما يفتقر 340 مليون شخص في أفريقيا إلى مياه الشرب النظيفة، وفقا لتقرير الأمم المتحدة الثالث حول تنمية الموارد المائية في العالم. وتزداد وطأة الجفاف مع سوء إدارة الموارد المائية، فتدفع الشباب نحو خيارات قاسية كالعنف والانضمام إلى الجماعات المتطرفة. ويعتبر عدد من الباحثين أن سوء إدارة الموارد المائية في شكل خَطِر في منطقة الساحل الأفريقي الجافة، خاصةً نيجيريا ومالي والسنغال، هو المحرّك الأساس للفوضى الاجتماعية التي تدفع مئات الآلاف للهجرة نحو أوروبا بطريقة غير شرعية.
وللمفارقة، فإن السدود الكبيرة، التي يفترض بها تحقيق التنمية الاقتصادية جنوب الصحراء الكبرى، كان لها أثر معاكس تجلّى في الحد من تدفق الأنهار وتجفيف البحيرات والأراضي الرطبة التي تعتمد عليها المجتمعات الأكثر فقراً، ما غذّى الاضطرابات في المنطقة.
في شمال نيجيريا، فقد نحو مليون شخص سبل العيش بسبب إقامة السدود على نهر يوبي الذي يغذي الأراضي الرطبة ويتدفق إلى بحيرة تشاد.
وفي عام 2015، وافقت الحكومة النيجيرية على إجراء مراجعة لوضع حوض البحيرة، وخلصت إلى أن «احتجازاً وقطعاً غير منسق للمياه من المنبع كان أحد العوامل التي خلقت تنافساً كبيراً على المياه النادرة، ما أدى إلى صراعات وهجرة قسرية». وتقدّر منظمة الهجرة العالمية أن عدد من تركوا منطقة بحيرة تشاد منذ منتصف 2013 كان نحو 2.6 مليون شخص.
ويرى تحليل أُعدّ بتكليف من الأمم المتحدة ونُشر في دورية التغير البيئي العالمي، أن منطقة أفريقيا الجنوبية التي تشمل حوض نهر ليمبوبو ونهر أورانج، وتضم عدة دول مثل موزمبيق وجنوب أفريقيا وزيمبابوي، هي واحدة من بين أربع مناطق ساخنة في العالم من المتوقع أن تزداد مخاطر النزاع فيها خلال السنوات الخمس عشرة أو الثلاثين القادمة، بسبب بناء السدود.
عام 2001، أعلنت الأمم المتحدة أن «التنافس الشديد على المياه العذبة قد يصبح مصدراً للنزاع والحروب في المستقبل». وبعد عام، قالت إن مشكلات المياه يمكن أن تكون «حافزاً للتعاون». واقعياً، يبدو التعاون حول المياه في أفريقيا أمراً صعب المنال. إلا أن ترشيد استهلاك المياه والاستثمار في البحوث التي تدعم الاستفادة من الموارد المتاحة، مثل طبقات المياه الجوفية غير المستغلة تماماً، قد يساعدان في الحد من حروب المياه والحفاظ على الأرواح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.