رأى مشاركون في مناقشة الرسالة الجامعية التي أعدها الباحث المصري شريف صالح لنيل درجة الماجستير في النقد الفني حول «تحولات النص الأدبي عبر الوسائط الفنية المختلفة: دراسة تطبيقية على رواية «اللص والكلاب» ان معالجة تلك الوسائط سواء على شاشة السينما أو التلفزيون، أو من خلال الصحافة التي نقلت وقائع الجريمة الأصلية التي استلهمها نجيب محفوظ أخفقت في نقل المحتوى الفكري للرواية بسبب تورطها في إبراز النزعة البوليسية. وحصل شريف صالح على درجة الماجستير في النقد الأدبي بتقدير امتياز مع التوصية بطبع وتبادل الأطروحة بين الجامعات وذلك من أكاديمية الفنون في القاهرة. وتكونت لجنة المناقشة من عبد المنعم تليمة مناقشاً من الخارج، وصلاح قنصوه مناقشاً من الأكاديمية، ونهاد صليحة مشرفة على الأطروحة، ومحمد كامل القليوبي مشرفاً مشاركاً. وقدم صالح وهو أيضاً كاتب قصة، في بداية المناقشة ملخصاً عن البحث كشف عن اعتماده على تحليل أودراسة «اللص والكلاب» كما صورها التقرير الصحافي، ثم كرواية شهيرة، وفيلم سينمائي ومسلسل تلفزيوني. ونظراً الى الأهمية التاريخية والفنية لرواية «اللص والكلاب» اختارها الباحث نموذجاً للدارسة للإجابة عن ثلاثة تساؤلات: كيف يستلهم الكاتب من نص غير فني.. نصاً فنياً؟ كيف تتحول الحكاية من وسيط إلى آخر؟ ما مدى إسهام المتلقي في إعادة إنتاج الوسيط؟ وحاول الباحث دراسة وتحليل الخطابات والوسائط التي عالجت الرواية بناء على فرضية أساسية وهي أن الحكاية لا تُحكى مرتين، ولو عبر الوسيط نفسه، راصداً ما حدث لها من تحولات عبر أربعة آفاق احتمالية، وهي: أفق ما قبل الحكاية، الذي يُعنى به النقد التكويني، لمعرفة كيف اختمر النص في وعي صاحبه وكيف أعدّ له العدة والمراحل التي استغرقها لتنفيذه. وأفق مكونات الحكاية، ويشمل العناصر الأساسية التي تشكل مادة الحكي وأهمها الإطار العام والزمكانية والشخصيات ووجهة النظر أو الصوت السردي. وأفق حركة السرد، وقد درس من خلاله الحكاية والكيفية التي تندفع بها إلى الأمام، وما يحدث فيها من فجوات زمنية ومكانية، والكيفية التي تتعالق بها المكونات المختلفة. وأخيراً أفق التلقي. واعتبرت الدراسة ان الخطاب الروائي «المكتوب» كان الأكثر حظاً في الاهتمام النقدي، بينما لم يحظ الخطاب «المرئي» الفيلم والمسلسل سوى باهتمام ضعيف، ما يدل على هيمنة المكتوب المرتبط نوعاً ما بالثقافة الرسمية، بينما تبقى الصورة أقرب إلى الثقافة الشعبية التي لا تحظى بالاهتمام. ولاحظت الدراسة ان على رغم أن خطاب الحادثة التي نشرت أولاً في صحيفة «الأهرام» كان الحافز للكاتب لإنتاج نص «اللص والكلاب»، إلا أن الحادثة ذاتها لم تشكل خطاباً مركزياً، لأن الخطابات اللاحقة كافة همّشتها وارتكزت إلى الرواية كخطاب مركزي تتناص معه أو تعيد إنتاجه. وخلال المناقشة أشاد تليمة بالرسالة التي تتميز - على حد قوله – «بالتحديد اليقظ للموضوع والوصف الموضوعي والتصنيف للمادة والإلمام قدر الاستطاعة بالدراسات التطبيقية والنظرية». ولكن تليمة كانت له ملاحظة أساسية في تبويب الأطروحة على قسمين: النظري والتطبيقي بدلاً من بابين، مع وضع مدخل مستقل لهما. كما أشاد باختيار الباحث لمصطلح «تحولات» الذي يشمل مصطلحات أخرى مثل التناص والتآزر. كما تطرق الباحث إلى مجموعة من الصعوبات التي واجهته أهمها صعوبة في المنهج، لعدم وجود منهج واحد يدرس من خلاله هذه الوسائط المتنوعة لذلك لجأ إلى مقاربة تكاملية بين المناهج وإن اعتمد بالأساس على المنهج البنيوي. كما واجه صعوبات أخرى في ما يتعلق بجمع المادة مثل رداءة النسخة الميكروفيلم لجريدة «الأهرام»، الاضطرار إلى مشاهدة الفيلم والمسلسل مرات عدة وكتابة سيناريو افتراضي لهما لعقد مقارنات موثقة مع الخطاب المكتوب وليس مجرد انطباعات وكذلك غياب الدراسات التطبيقية والتوثيقية الخاصة بعمليتي إنتاج الإبداع وتلقيه. وخلص الباحث إلى أن كل خطاب كان بمثابة المحفز أوالمثير للخطاب اللاحق عليه، قد يأخذ منه هيكله العام فقط ولا يعيد إنتاجه كما هو، ما يعني أن «الحكاية لا تحكى مرتين على الإطلاق ولو عبر الوسيط نفسه». وشدد الباحث في معالجته على أن كل ناقد كانت له رؤيته الخاصة في تناول النص الروائي والنقاط الجوهرية التي تحظى باهتمامه، كما لا يخلو الأمر من إسقاطات مثل التأكيد على الطابع الملحمي والرمزي لبطولة سعيد مهران من خلال رد شخصيته إلى شخصيات شعبية شهيرة مثل أدهم الشرقاوي (مقال سيد خميس) أو أبو زيد الهلالي (أغنية المسلسل) أو قصيدة سيد حجاب. برغم أن شخصية سعيد مهران لا تتسم بهذه الملحمية والرمزية، فهي شخصية عادية تنتمي- بحسب الباحث - إلى فئة المهمشين، يضعها الكاتب في مقابل الشخصيات الوصولية التي أفادت من ثورة 1952 وتسلقت على أكتافها.