نشرت الحكومة العراقية قوات الجيش والشرطة عند المداخل الرئيسة للعاصمة وحول مقرها في المنطقة الخضراء، الأكثر تحصيناً في البلاد، تحسباً من هجمات انتقامية محتملة لتنظيم «القاعدة»، كردة فعل على مقتل زعيمه أسامة بن لادن. وشملت الإجراءات المراكز المهمة، مثل مقارّ الجيش ووزارة الداخلية ودوائر حساسة أخرى. وأكد قائد عمليات الأنبار الفريق الركن عبدالعزيز محمد جاسم، في اتصال مع «الحياة»، أن «عمليات الانبار اتخذت إجراءات امنية تحوطاً لردة فعل التنظيم في المحافظة انتقاماً لمقتل بن لادن». وتوقع «عمليات نوعية ومحدودة محتملة، كاستهداف شخصيات او مقارّ قوات الامن، وحتى الفتك بتجمعات سكانية او تجارية، مثل الاسواق المكتظة، لإيقاع إكبر الخسائر». وقال جاسم: «على رغم ان مقتل بن لادن له تأثيراته في الجانب العسكري والمعنوي لعناصر القاعدة في العراق، إلاّ ان هذا المصير لن ينهي نشاطهم في البلاد». وقال العقيد باري جونسون، المتحدث باسم القوات الاميركية في العراق: «إن موت بن لادن ربما يقود الى بعض العنف مِن قِبَل تنظيم القاعدة والخلايا الارهابية المتعاونة مع التنظيم». وأضاف: «نحن متواصلون في عملنا مع القوات الامنية العراقية لمواجهة هذا التهديد، من خلال العمليات المشتركة لمكافحة الإرهاب، طبقاً للاتفاق الأمني الموقَّع بين البلدين». وقررت لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب العراقي، استضافة قيادة عمليات بغداد بعد الهجوم الذي تعرض له احد مقارّ الشرطة في محافظة الحلة في الخامس من الشهر الجاري، وأدى الى سقوط حوالى 100 من الضحايا بين جريح وقتيل، غالبيتهم من رجال الأمن. وأكد النائب إسكندر وتوت، نائب رئيس اللجنة، أن «لجنة الأمن والدفاع أرسلت كتاباً الى قيادة عمليات بغداد لاستضافتها في اللجنة ومعرفة خططها في شان منع استخدام الأسلحة كاتمة الصوت، والإجراءات المتخذة بعد قتل أسامة بن لادن». وكان الناطق الرسمي لقيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا، أعلن بعد يوم من مقتل بن لادن، «اتخاذ إجراءات احترازية تحسباً من ردود افعال سلبية على مقتل الإرهابي اسامة بن لادن، وأن التنظيم في العراق بات غير قادر على شن هجمات كما في السابق». واعتبر مراقبون الخططَ الدفاعية لمواجهة ردة فعل «القاعدة» خطأً إستراتيجياً، والأصوب المبادرة لشن هجمات على الخلايا الفاعلة في التنظيم بهجمات استباقية، واستغلال حالة الإرباك التي هي فيها. ولفت هاني إدريس، القيادي السابق في حركة الوفاق الوطني، إلى «أهمية استغلال هذا الوقت تحديداً، اي مرحلة الصدمة داخل التنظيم وما يحيطه من ارتباك وفوضى وترقب لخلافة رأس القيادة لديهم، لمهاجمة أوكارهم، ولزيادة الضغط النفسي، الذي قد يفضي الى انهيار خلايا عدة وتفكيكها». وقال: «لكن هذا لا يعني المبالغة بمستوى الضعف الذي هم فيه، حيث يجب التمييز بين متغيرَيْن مترابطين، الاول الإرهاب كفاعل والثاني الإرهاب كظاهرة، حيث لا بد من ايجاد معالجات جذرية للنظام الذي ينتج الإرهاب». وشدد اللواء الركن غانم المالكي، الضابط السابق في الجيش العراقي، على ضرورة «الخروج من الروتينية التي درجت عليها الخطط العسكرية لدى قادة الامن في العراق، ومواكبة الاحداث بشكل ايجابي يتناسب مع امكانات استعداداتهم التي يعلنون عنها، والتحول في المعركة مع الارهاب من صفحة الدفاع الى صفحة الهجوم، بتوجيه ضربة أخرى لخلايا القاعدة وحواضنها، لشل أي نشاط لها وإجهاض مخططاتها، بدلاً من انتظارهم على أبواب المنطقة الخضراء او عند مداخل العاصمة وبوابات المعسكرات». واعتبر ان «أفضل وسيلة لإيقاع اكبر خسائر بين صفوف أفراد وقادة أي فصيل مسلح، هي انتهاز وقت الصدمات». ووصف المالكي «الوصول الى بن لادن بعد عشر سنوات من الاختباء، بأنه يشير إلى نجاح خطط العمل الاستخباري في اختراق منظومة الامن ومعالجة الاهداف المتحركة من جهة، وعلى قواتنا تطوير نشاطاتها في هذا الاتجاه، ويشير من جهة أخرى إلى ان القاعدة بدأت تتاثر سلباً بتغير المزاج الشعبي العربي والإسلامي، ولم تعد هي الملجأ الوحيد لهذه الشعوب لإحداث تغيير باللجوء الى القوة او الاستمرار في نزعة الانتقام من الآخر كنوع من تصدير الأزمات المحلية الى مناطق اخرى بعد شروع الشعوب العربية بالانتفاض ضد أنظمتها». وتأتي هذه التطورات، بعد إعلان الحكومة العراقية نهاية نيسان (ابريل) الماضي فتح باب الحوار مع عناصر «القاعدة» من العراقيين، تمهيداً لانخراطهم في العملية السياسية. وقال المستشار الإعلامي لوزارة المصالحة الوطنية عبد الحليم الرهيمي في تصريح صحافي، إن «فتح باب الحوار مشروط بألاّ تكون أيادي العراقيين المنتمين إلى هذا التنظيم ملطخة بدماء العراقيين، أو مرفوعة دعاوى شخصية عليهم، ويشترط عليهم أيضاً التخلي عن السلاح». وأشار الى أن «الحكومة العراقية ترحب أيضاً بانخراط هؤلاء الأشخاص في العملية السياسية، في الوقت الذي تحظره على عناصر القاعدة والبعث الصدامي ممن تلطخت أيديهم بدماء العراقيين».