أكد مسؤولون أمنيون عراقيون ان تنظيم «القاعدة» يواجه خطراً حقيقياً وأوقاتاً صعبة في معاقله الاخيرة في جبال حمرين، بين محافظتي ديالى وكركوك في شمال بغداد، فيما سلم 22 مطلوباً من التنظيم انفسهم الى السلطات العراقية في المحافظة صباح الثلثاء، واعتقلت الشرطة في محافظة صلاح الدين (وسط) 60 مطلوباً في عملية أمنية. وقال مصدر أمني طلب من شرطة ديالى طلب عدم ذكر اسمه ل «الحياة» ان «الحملة الامنية التي تشنها القوات الحكومية بمساندة قوات اميركية في مرتفعات حمرين شمال بعقوبة تهدف الى تطهير هذه المنطقة الحيوية بالنسبة الى القاعدة ودولة العراق الاسلامية والحركة النقشبندية اضافة الى خلايا بعثية متوارية بين القرى». واشار الى ان «القوات الامنية نجحت في الاستيلاء على مقرات قيادات في هذه التنظيمات والعثور على معلومات ووثائق مهمة من شأنها السيطرة على مجمل تحركات المجموعات المسلحة في الخارج والداخل». ولفت الى ان «الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أبو مصعب الزرقاوي كان اضطر للاعتراف بما يعرف «دولة العراق الاسلامية» بزعامة ابو عمر البغدادي منتصف عام 2006 في محافظات بغداد وديالى وصلاح الدين وكركوك والانبار ونينوى، بعد بوادر انهيار القاعدة تدريجاً في تلك المناطق خصوصا بعد تشكيل قوات الصحوة التي لعبت دوراً كبيراً في هذا المجال». واضاف ان «الصحوة لم تلق الدعم المطلوب من الحكومة ما أدى الى منح الارهاب فرصة للعودة الى بناء خلاياه». وزاد ان «اعتراف التنظيم اخيراً بمقتل ابو عمر البغدادي وابو ايوب المصري في عملية امنية عراقية اميركية مشتركة نفذت شمال بغداد، يعطي دلالات بأن التنظيم يمر بمرحلة صعبة على رغم تهديداته بتنفيذ عمليات انتقامية». ولفت الى ان «تواطؤ بعض العناصر الامنية البسيطة بالسماح في تنفيذ هجمات دموية مقابل مبالغ مادية اربك اداء القوات الامنية والاجهزة المختصة وأدى الى نجاح الهجمات في بعض المناطق». في غضون ذلك، نقلت وكالة «فرانس برس» عن الرائد غالب عطية مدير اعلام شرطة ديالى ان «22 مطلوباً ينتمون الى تنظيم القاعدة سلموا انفسهم اليوم (أمس) الى قيادة شرطة ديالى طوعاً». واضاف ان هؤلاء «الاشخاص متهمون بقضايا قتل وتهجير وتفجير منازل وعليهم دعاوى مقدمة من عدد من اهالي الضحايا». وأكد ان «التسليم جرى عبر وساطة محامين سيتولون الدفاع عنهم خلال عرضهم للمحاكم». وكشف مسؤول الاعلام ان «قائد شرطة ديالى اللواء عبد الحسين الشمري رحب بالخطوة واعتبرها ايجابية ووعد باتخاذ الاجراءات القانونية الاصولية بحقهم». واضاف انهم «وعدوا بالتعاون مع الشرطة في مجال المعلومات». وتأتي هذه الخطوة بعد ايام من انطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق في حوض حمرين في محافظة ديالى لمطاردة خلايا تنظيم «القاعدة» هناك. من جهة اخرى، اعلن اللواء حمد نامس الجبوري قائد شرطة محافظة صلاح الدين اعتقال 60 مطلوباً بقضايا ارهابية واخرى جنائية في عملية امنية نفذتها قواته فجر الثلثاء في منطقة الشرقاط (330 كلم شمال بغداد). واوضح ان «العملية استهدفت القرى المجاروة لمحافظة نينوى»، مؤكداً ان «العملية جرت بأسلوب حضاري بعيد من العنف». واضاف ان «العملية ليست لها علاقة بعمليات حوض حمرين التي انطلقت في محافظة ديالى انما هي عملية منفصلة». الى ذلك دعا مسؤول في مكتب مكافحة الارهاب في ديالى الرائد منير سلمان رجال الدين الى لعب دور بارز في مساعدة الاجهزة الامنية لاستمرار الاستقرار النسبي في المحافظة والعمل على تقويض وسائل اقناع التنظيم للصبية بالانضمام الى الاعمال المسلحة. واضاف محمد ل «الحياة» ان «على ائمة المساجد لعب دور متميز في تكذيب مناهج تنظيم القاعدة». ولفت الى ضرورة ان «يأخذ ائمة المساجد المخاطر التي تهدد الصبية بعد بروز معلومات في شأن تكرار تجربة طيور الجنة التي احبطت بداياتها قبل عامين». وكانت قيادات في صحوات ديالى، اكدت وجود مخطط لتنظيم «القاعدة» لاستنساخ تجربة طيور الجنة بغية تنفيذ عمليات وصفوها ب»الخطيرة» بعد رصد مخاطبات بين تنظيمات مرتبطة ب»القاعدة» في الموصل والأنبار وديالى في شأن استنساخ تجربة تجنيد اطفال لتنفيذ هجمات انتحارية. وكان علي الموسوي، المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء نوري المالكي أبلغ وكالة «فرانس برس» بأن «الضربة التي تلقاها تنظيم القاعدة كبيرة، بحيث بدا انه يحاول ان يسترد معنوياته بتلفيق اكاذيب حول انتماء مجموعات مسلحة لمكاسب سياسية (...) للتخفيف من الخسارة التي مني بها خلال الايام الماضية». وكانت جماعة اسلامية متشددة في العراق نفت مبايعتها ل»دولة العراق الاسلامية». وقال ابو محمد العراقي أمير ما يعرف ب «جيش ابو بكر السلفي»، في بيان نقله عدد من المواقع على الانترنت ان «ما جاء في بيانهم (القاعدة) من ان جيش ابي بكر قد بايعهم لا صحة له اطلاقاً». وكان الجنرال في الجيش الاميركي في بغداد رالف بيكر أعلن ان تنظيم «القاعدة» سيجد صعوبة في اعادة تشكيل صفوفه وتجنيد متطوعين لتنفيذ عمليات انتحارية واعتداءات أخرى في العراق. ونقلت «فرانس برس» عن بيكر أول من أمس انه لا يمكن لأحد ان ينكر ان مقتل ابو عمر البغدادي ووزير حربه ابو ايوب المصري المرتبطين بصورة مباشرة بزعيم القاعدة اسامة بن لادن، شكل ضربة «قطعت رأس» التنظيم. وان كانت «القاعدة» أثبتت في الماضي قدرتها على اعادة تشكيل صفوفها بعد تلقي ضربة، وهو ما فعلته عند مقتل زعيمها الاول ابو مصعب الزرقاوي العام 2006، الا ان الجنرال بيكر اعتبر انها اليوم في موقع اضعف بكثير وستجد صعوبة في اعادة تشكيل قواتها بعد اعتقال المئات من عناصرها في الاشهر الاخيرة.