أعلنت دول الخليج أمس أنها لن تتوسط في حل أزمة سورية. النفي جاء بعد زيارة وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن حمد آل خليفة لدمشق والتي استمرت يومين، ونقل خلالها رسالة من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الى الرئيس بشار الأسد، لبحث التطورات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً البحرين وسورية واليمن. وكان وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد، زار دمشق في بداية تفجر الأحداث. هل تراجعت دول الخليج عن وساطتها بعد تطور الأحداث في سورية، وتزايد الانتقاد الدولي لدمشق، واتساع العقوبات على النظام، وخشية دول الخليج من سوء تفسير موقفها، كما حدث بداية الأحداث في مصر؟ النفي الخليجي قوبل بالشك، لسبب بسيط هو أن موقف النظام في دمشق من أحداث البحرين كان موقفاً مبدئياً، لا يختلف عن الموقف الذي اتخذه الراحل حافظ الأسد خلال أزمة احتلال الكويت، فضلاً عن أن دول الخليج لم تزل تتعامل مع الأحداث السياسية التي تجري في أوقات مهمة وحرجة، بالصيغة التقليدية القديمة التي تنتهي بعبارة «وتناول البحث العلاقات بين البلدين، والأوضاع في المنطقة». والمتابع لزيارتي وزيري خارجية الإمارات والبحرين لدمشق لن يفهم ماذا قال الوزيران للرئيس بشار الأسد. فهل من المعقول أن يتحدثا معه في مثل هذه الظروف عن الاستثمار، مثلاً؟ لا شك في أن دول الخليج تلعب دوراً مهماً في تسوية أزمة اليمن، وهي قادرة على تكرار هذا الدور الإيجابي في سورية. لكن الخطاب السياسي لدول الخليج القائم على التكتم الشديد، وعدم الاعتراف بحق الناس في معرفة ما يجري، خلق صورة غير إيجابية عن تحركات دول المجلس. لذلك وجدنا من يتحدث عن دور سلبي لهذه الدول أو بعضها خلال الثورة المصرية. ولعل خشية الوسيط الخليجي من تكرار التهمة، غير الصحيحة، دفعته الى نفي أي وساطة بين المعارضة والنظام في سورية، وربما أن دمشق رفضت هذه الوساطة. الأكيد أن النفي كرّس اتهام دول الخليج بأنها تسعى الى حماية النظام، رغم أن تحركاتها مبنية على تجنيب الدول أزمات تفضي الى الفوضى والمزيد من القتل. لكن تمسك دول مجلس التعاون بالصمت وانعدام الشفافية، وإهمال حق الناس – خصوصاً المواطنين في دول الخليج – في فهم طبيعة التحركات وأهدافها، خلق انطباعاً مغايراً لأهدافها. السياسة شأن عام، وليس من حق الحكومات احتكار أخبارها. من حقنا أن نعرف ماذا قال وزيرا الخارجية الإماراتي والبحريني للمسؤولين السوريين في هذا الوقت، وأن نعرف أسباب النفي الخليجي.