واشنطن – «نشرة واشنطن» – لا تزال إرلندا تشكّل البوابة المفضلة لدخول الشركات الأميركية إلى أوروبا، على رغم الركود الاقتصادي والمشاكل المالية التي مرّ فيها هذا البلد في السنوات الأخيرة. وأعلن نائب رئيس هيئة التنمية الصناعية (IDA) في إرلندا سيموس كارول، وهي هيئة حكومية تشجع الاستثمار الأجنبي، أن الشركات الأجنبية «لا تزال تدخل إلى السوق الإرلندية، على رغم صغر حجمها نسبياً، للوصول إلى زبائن ومستهلكين في الأسواق الأوروبية الأكبر حجماً». لكن طرأ على الوضع الاقتصادي تغيُّرٌ في الولاياتالمتحدة كما في إرلندا، إذ قلّصت الشركات الأميركية نشاطاتها بسبب أزمة المال العالمية والركود الناجم عنها. وأظهرت دراسة أعدّها دانيال هاملتون وجوزف كوينلان من كلية الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة جونز هوبكنز، «انخفاض الاستثمارات المباشرة الخارجية الأميركية في إرلندا بنسبة 17.5 في المئة في الشهور التسعة الأولى من العام الماضي». لكن العالم الاقتصادي رونان ليونز، رأى أن عام 2010 ، كان «جيداً بالنسبة إلى الصادرات الإرلندية والمنتجات الزراعية». فيما اعتبر كارول، أن ذلك العام «كان جيداً أيضاً بالنسبة إلى استثمارات الشركات الأميركية الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعلوم الحياتية الإرلندية». ولفت إلى أن «اقتصاد المشاريع الجديدة يسير في شكل جيد، بعكس الأجزاء المتأثرة بالركود ضمن القطاع الاقتصادي، والتي تحوز اهتمامات وسائل الأعلام». وتجذب إرلندا الشركات الأميركية بفضل الحوافز الحكومية، التي تشمل الفوائد الضريبية وما توفره لها القوة العاملة الإرلندية المثقفة جيداً والمتحدثة الانكليزية. وأكد مؤسس شركة «كيمب تكنولوجيز» مديرها التنفيذي كيفن ماهون، أن هذه الميزات «كانت عاملاً حاسماً» بالنسبة إلى شركته، عندما «قررت تأسيس شركة في بلد أوروبي». وفتحت شركة «كيمب» مكتباً في مدينة ليموريك عام 2010، حيث تسوق معدات الإنترنت والبرامج المتصلة بها للشركات الصغيرة والمتوسطة. ولفت إلى أن «اللغة كانت المساهم الأول»، لأن «استعمالها يجعل من عمليات الشركة ونشاطات الأبحاث والتنمية فيها أكثر سهولة». وكان الاقتصاد الإرلندي يجذب الشركات الأميركية للتكنولوجيا العالية على مدى معظم سنوات القرن ال 21، عندما كان يسجل نمواً اقتصادياً سريعاً. لكن خلال عامي 2008 و2009، عانى هذا الاقتصاد الذي كان يُعرف باسم «النمر السلتي» خلال عامي 2008 و2009، من ركود نتيجة أزمة حادة في قطاعات العقارات، والإنشاءات والبيع بالتجزئة والأعمال المصرفية والخدمات العامة. وكانت مساعدة الحكومة العام الماضي، لإنقاذ المصارف من الإفلاس في البلاد ثمناً غالياً، ما أرغمها إلى طلب مساعدة عاجلة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد. وأعلن ماهون، أن هذه الوضع «لن يكون له أي تأثير مباشر على شركته، لأن معظم إيراداتها يأتي من بلدان أخرى». وأكد مع مسؤولين تنفيذيين أميركيين آخرين، أن «الأوضاع الاقتصادية الصعبة خفضت تكاليف التشغيل، إذ تراجعت إيجارات المكاتب بنحو النصف تقريباً منذ عام الذروة (2007)، كما تراجعت أجور اليد العاملة في شكل ملحوظ». وتستفيد شركات أميركية من هذه الظروف، إذ وسّعت شركة «أناليتيك بارتنرز»، وهي شركة استشارات وأبحاث حول السوق تعمل عبر العالم، عمليات مكتبها في دبلن، وأوضح مديرها التنفيذي المالي بريان كراو، أن شركته «تركز توظيفها في إرلندا، مع استمرار نمو أعمالها في أوروبا، لأن البلد يوفر فائضاً من المواهب». كما قررت تعيين موظفين في مكتبها في دبلن، وتدريبهم للعمل في مكاتبها في بلدان أخرى، إذ يصعب إيجاد موظفين مؤهلين، وإلا تكون أجورهم أعلى. وانضمت شركتا «كيمب» و «أناليتيك بارتنرز»، إلى صفوف الشركات الأميركية التي جعلت من إرلندا خلال العقد الماضي رابع أكبر أسواقها للاستثمار في الخارج. وبيّنت دراسة «هاميلتون وكوينلان»، أن «الأصول الأميركية في البلد عام 2008 تجاوزت قيمتها في ألمانيا، وهي سوق أكبر كثيراً من سوق إرلندا. كما ولّدت الشركات الإرلندية التابعة لشركات أميركية نسبة 21 في المئة من الناتج الإرلندي.