غابت التطورات العسكرية البارزة في ليبيا، أمس، في ظل جمود لافت على الجبهات المختلفة في الشرق والغرب. إذ لم يُسجّل أي تحرّك على جبهة البريقة - أجدابيا في شرق البلاد، وهي الجبهة التي توقف عليها تقدم الثوار غرباً منذ أسابيع. أما في مصراتة، ثالث أكبر المدن الليبية والواقعة شرق طرابلس، فلم يُسجّل فيها أي قصف جديد بعدما تمكن الثوار من طرد قوات العقيد القذافي إلى خارجها، على رغم أنها المدينة تبقى محاصرة من كل الجبهات، باستثناء البحر الذي يبقى المنفذ الوحيد لوصول الإمدادات وإجلاء الجرحى. كما لم يُسجّل أيضاً أي تطور بارز على جبهة الذهيبة - وازن على الحدود التونسية حيث سيطر الثوار على المعبر في حين إنكفأت قوات القذافي إلى الهضاب المحيطة حيث تُطلق قذائفها على الثوار ويسقط بعضها داخل الأراضي التونسية، كما حصل ليل الخميس. ولم يورد الإعلام الليبي الرسمي أي معلومات عن تطورات ميدانية، باستثناء إعلان وكالة الجماهيرية أن «التحالف الاستعماري الصليبي» قصف بالتزامن مع صلاة الجمعة، أمس، ما وصفها ب «مواقع مدنية وعسكرية بشكل عشوائي في شعبية مزدة»، جنوبطرابلس. وقالت «أن أضراراً بشرية ومادية نتجت عن هذا القصف». وعقد «المؤتمر الوطني للقبائل الليبية» يوماً ثانياً من الجلسات في طرابلس، أمس، وسط تحذيرات من «مؤامرات» تستهدف «وحدة ليبيا» ودعوات إلى تدريب الليبيين ل «خوض المعارك ضد البغاة من الداخل، والعدو الإمبريالي» من الخارج. ويروّج الإعلام الليبي الرسمي لهذا المؤتمر الذي يحضره مئات الأشخاص، والذي يبدو أن الهدف منه إظهار تأييد القبائل لنظام العقيد القذافي. ولم يكن واضحاً إلى أي حد يمثّل المتحدثون في المؤتمر قبائلهم بالفعل، علماً أن مؤتمرات قبلية مماثلة انعقدت في مناطق شرق البلاد وأعلنت تأييدها للثوار ولليبيا جديدة لا مكان للقذافي فيها. وقال رجل القانون المعروف إبراهيم الغويل، في اليوم الثاني من المؤتمر الذي ينعقد في العاصمة الليبية، إن «وحدة ليبيا مستهدفة الآن من قبل الحاقدين والمتآمرين لإثارة الفتنة داخل المجتمع». كما نقلت «وكالة الجماهيرية» عن مصطفى سالم عموش الذي تحدث باسم «قبائل منطقة طرابلس وضواحيها» تشديده على «ضرورة البدء الفوري في التدريب على السلاح لغير المدربين، والاستعداد لخوض المعارك ضد البغاة من الداخل، والعدو الإمبريالي وكذلك الرجعية القذرة». واعلن محدث باسم قبائل المقارحة موقفاً مماثلاً قائلاً «إن قبائل الشرق التي حاربت المستعمر الإيطالي لا يمكنها أن تكون السبب في عودة الإيطاليين والفرنسيين والبريطانيين إلى ليبيا». وجاء ذلك في وقت حمل النظام الليبي بعنف على خطة المساعدة المالية الدولية للثوار التي أقرها مؤتمر لجنة الاتصال في روما الخميس، والتي تنص على استخدام أموال ليبية مجمدة وأكد مجدداً أن معمر القذافي لن يغادر السلطة. وقال نائب وزير الخارجية الليبي خالد الكعيم في مؤتمر صحافي في طرابلس أن «ليبيا لا تزال، بموجب القانون الدولي، دولة ذات سيادة وأي استعمال لأموالها المجمدة، شبيه بالقرصنة في عرض البحر». ويرى المجلس الوطني الانتقالي انه البديل في الوقت الراهن لنظام القذافي. وعرض أحد قادة المجلس محمود جبريل في روما «خريطة طريق» تنص على انتخاب رئاسي في غضون ستة اشهر بعد رحيل القذافي، وقال «إننا نريد إضفاء المزيد من الصدقية على اتجاهنا نحو ديموقراطية حقيقية». وطردت فرنسا أمس 14 ديبلوماسياً ليبياً كانوا ما زالوا مؤيدين لنظام القذافي، في حين قالت منظمة العفو الدولية إن الهجمات العشوائية من قبل قوات موالية للقذافي على مدينة مصراتة المحاصرة، بما في ذلك الاستعانة بالقناصة واستخدام القنابل العنقودية والقذائف المدفعية في مناطق مدنية، قد يرقى إلى «جرائم حرب».